للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت سلطة الأسقف تتخذ في أحيان كثيرة صورة مطلقة في المدينة وفي الحقل، يزاولها على يد كونتات وموظفين وغيرهم. وكان له جيشه أو جنده الخاص، يحمون أراضيه من الأجانب أو الأشراف المغيرين (١).

ونلاحظ أن هذا التنظيم السياسي، الذي تطبعه روح إقطاعية عميقة، والذي ينطوي على توزيع السلطة بين مختلف الطوائف والعصبيات، بصورة تجعل دولا عديدة داخل الدولة، يتنافى في جملته وتفاصيله مع التنظيم السياسي للدولة الأندلسية الإسلامية. فقد رأينا فيما تقدم، كيف كان العرش يحرص منذ البداية على سلامة السلطة المركزية، وكيف بذل أمراء بني أمية، منذ عبد الرحمن الداخل جهودهم، لإخماد النزعة القبلية، وتحطيم رياستها؛ ثم جاء الناصر فحطم العصبية العربية، وقضى على رياسة القبائل العربية بصورة نهائية، واستخلص السلطة كلها للعرش، ولم يكن العرش يتسامح بعد ذلك، مع أية رياسة محلية تنزع إلى الاستقلال، إلا ما كان بالنسبة لبعض الثغور النائية، مثل طليطلة وسرقسطة، وذلك لأسباب عملية واستراتيجية.


(١) R Altamira: ibid, Vol. I. p. ٢٩٣-٢٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>