للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقعت أول معركة بين قوات الأخوين عند قلعة المنار على مقربة من لاردة، وكان المؤتمن قد حصن هذه القلعة، وشحنها بالمقاتلة، ولما شعر أخوه المنذر بخطرها على أملاكه سار في قوة مشتركة من حلفائه، أمير برشلونة وبعض صغار الأمراء الإفرنج في شمال قطلونية، وحاصر هذه القلعة، فسار المؤتمن والسيد في قواتهما لإنجادها، ووقعت بين الفريقين معركة هزم فيها المنذر، وأسر أمير برشلونة رامون برنجير (١٠٨٢ م).

ووقع في ذلك الحين حادث كاد يقطع السيد من جرائه علائقه ببلاط سرقسطة، ذلك أن حاكم قلعة روطة التي كان معتقلا بها المظفر، اعتزم الخروج والثورة بالتفاهم مع سجينه، وأرسل إلى ألفونسو ملك قشتالة يطلب عونه ويعده بتسليم القلعة، فسار ألفونسو إلى روطة في بعض قواته، وكان المظفر قد توفي عندئذ فجأة، فعدل الحاكم عن مشروعه واعتزم أمراً آخر، وبعث ألفونسو بعض أكابر ضباطه، وعلى رأسهم الإنفانت راميرو أمير نافار لتسلم القلعة، وما كادوا يجوزون إلى الداخل، حتى انهال عليهم وابل من الصخور، فقتلوا جميعاً (١٠٨٢ م) وعاد ألفونسو، وهو يضطرم أسى وتحرقاً إلى الانتقام.

وكان السيد عندئذ في تطيلة، فلما وقف على هذا الحادث المحزن، هرع في صحبه إلى ألفونسو يقدم عزاءه، ويلتمس العفو، والإذن بالعود، فعفا عنه الملك وصحبه معه إلى قشتالة. ولكن مقامه بها لم يطل. ذلك أن ألفونسو عادت إليه هواجسه القديمة نحو السيد، وشعر السيد بتغيره عليه، فغادر قشتالة وعاد إلى سرقسطة، واستقبله المؤتمن بترحاب ومودة. ويحاول الأستاذ بيدال أن يستدل بتصرف السيد في هذا الحادث على أنه لم يكن في خدماته لبلاط سرقسطة جندياً أجيراً، وإنما كانت هذه الخدمات بالعكس نوعاً من السياسة والتدخل على الطريقة القشتالية (١).

وعاد السيد إلى مهمته القديمة في محاربة أعداء المؤتمن، وخرج مع المؤتمن في قواته، وعاثا في أراضي أراجون، ثم عادا إلى حصن مونتشون. ورد سانشو راميرز ملك أراجون على ذلك بالاستيلاء على جرادوس. وغيرها من حصون الحدود (ابريل ١٠٨٣ م). ثم تحالف المنذر أخو المؤتمن مع سانشو راميرز،


(١) R.M.Pidal: ibid ; p. ٢٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>