للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي الفنين أسبق من الآخر؛ الشعر أم النثر

ومن الأسئلة التي تطرح في هذا السياق أي الفنين أسبق من الآخر؛ الشعر أم النثر؟ وكثير من النقاد على أن الشعر سابق على النثر، ومن هؤلاء الدكتور "طه حسين" في محاضرته التي ألقاها سنة ١٩٣٠م، بقاعة الجمعية الجغرافية بالقاهرة بعنوان "النثر في القرنين الثاني والثالث للهجرة"، ثم نشرها بعد ذلك في كتابه (من حديث الشعر والنثر)، وكذلك كاتب الفصل الخاص بفن الشعر من كتاب (التوجيه الأدبي) الذي اشترك في تأليفه طه حسين وأحمد أمين، وعبد الوهاب عزام، ومحمد عوض محمد، ونشر في بداية الأربعينات من القرن الفائت. والعقاد في فصل عنوانه "الشعر أسبق من النثر" من كتابه (حياة قلم).

إلا أنّ الناظر في المسألة يتحقق بكل بساطة أنّ الشِّعر أعقد من النثر، إذ لا يكفي أن يمسك الأديب بالقلم، ويقرر أن ينظم شعرًا، فيفعل، بل لا بد أولًا أن تكون لديه موهبة الشعر، كما لا بد أن يهبط عليه ما يسمى بالإلهام أيًا كانت حقيقة ذلك الإلهام، بخلاف الأمر في كتابة مقالة، أو تأليف قصة مثلًا حيث يكون للتنظيم والإرادة مدخل كبير فيهما. كذلك فإنه إذا كان الأدباء قلة بين البشر؛ فإن الشعراء هم قلة القلة.

وينبغي ألا نغفل عن ذكر الحقيقة التي يعلمها كل إنسان، وهي أن قيود الشعر كثيرة وصعبة، فعندنا الوزن، وعندنا القافية، وعندنا قصر البيت الذي ينبغي أن يضع فيه الشاعر فكرته، أو قطعة مستقلة من تلك الفكرة، ويفرغ منها فيه، وهذا أشبه من يحجل في القيود ويمتع بحركات هذه المقيدة من يشاهدونه مع ذلك،

<<  <   >  >>