للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما في أوائل الشتاء بعد جني العنب وعصره خمرًا، حيث يسود المرح وترتل الأناشيد الدينية، وتعقد حلقات الرقص ويصدح الغناء، ومن هذا الدرب المرح نشأة "الملهاة" أي الكوميديا.

أما الحفل الثاني: فكان يقام أوائل الربيع، حيث يكون الكرم كان قد جف، واتخذت الطبيعة وجهًا متجهمًا، وهو حفل حزين تطور فيما بعد إلى "المأساة" أي: التراجيديا.

وكان التمثيل في أول نشأته يتكون من الرقص، وبعض الأناشيد والأغاني التي تعبر عن حزن الناس لغياب الآلهة، والابتهال له لكي يعود سريعًا, ثم تقمص أحدهم شخصية "دونيزيوس" فكانت الجوقة تشير إليه، وهو في مكان مرتفع ثم أدخل الحوار بينها وبين الجوقة, وكان الممثلون يظهرون وسط المشاهدين في أشكال نصفها العلوي بشري، ونصفها السفلي معزي، ومن هنا اشتق كلمة تراجيدي، إذ هي مركبة من كلمة أغنية وكلمة جدي باليونانية.

وأخيرًا وضع "أسخيلوس" في القرن الخامس والسادس قبل الميلاد أول مسرحية شعرية بعنوان "الضارعات" وكان فيها ممثلان رئيسيان إلى جانب الفرقة, ثم ظهر "سوفوكليس" فادخل ممثلًا ثالثًا إلى المسرحية، وقوّى جَانِبَ التمثيل على حساب الغناء، وهو ما أدى إلى تقدم سريع في الحوار المسرحي بدل ترانيم الجوقة, وكان أول من مثل بنفسه هو "تسبس" سنة خمس وثلاثين وخمسمائة قبل الميلاد.

وعن اليونان أخذ العالم هذا الفن، وهو يعد "أسخيلوس" و"سوفوكليس" و"يوربيدس" أعظم رواد التراجيديا في اليونان القديمة، في حين يعد "ارستوفانيس" قائد الكوميديا عندهم.

<<  <   >  >>