للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج- بعنوان "آراء بعض علماء المسلمين في هذه القضية"، وسأسوق هنا بعضًا من أقوال علماء المسلمين؛ لأدلل بها على أن أهل الإسلام وعلماء المسلمين لم يقولوا أبدًا بأن القرآن يتعارض مع العلم الحديث، ولم يقفوا موقفًا عدائيًّا بحال من الأحوال مع العلم السليم الصحيح، أبدأ أولًا برأي الشيخ عبد الوهاب خلاف -رحمه الله -تبارك وتعالى- حيث تعرض لهذا الموضوع في كتابه "علم أصول الفقه" عند حديثه عن وجوه إعجاز القرآن الكريم، وكان مما قال:

القرآن أنزله الله تعالى على رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ليكون حجة له، ودستورًا للناس، وليس من مقصده -يعني: من مقصد القرآن الكريم- أن يقرر نظريات علمية، ولكنه في مقام الاستدلال على وجود الله، ووحدانيه، والتذكير بآلائه ونعمه، جاء بآيات تُفهم منها سنن كونية كشف العلم الحديث براهينها، فكان ذلك برهانًا جديدًا على أن القرآن الكريم من عند الله -تبارك وتعالى- وعلى هذا الوجه من وجوه الإعجاز أرشد الله -سبحانه وتعالى- بقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ، وفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، ولَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت: ٥٢، ٥٣).

ثم ذكر بعض الآيات الكريمة التي تتضمن صورًا من الإعجاز العلمي، وَرَدَّ على المحتجين بأن آيات القرآن الكريم لها مدلولات لا تتبدل، والنظريات العليمة عرضة للتغير والتبدل؛ بأنه يرى أن تفسير آية قرآنية بما كشفه العلم من سنن كونية ما هو إلا فهم للآية بوجه من وجوه الدلالة على ضوء العلم، وليس معناه أن الآية لا تفهم إلا لهذا الوجه من الوجوه.

<<  <   >  >>