للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسعد بن زرارة -رضي الله عنه- ورغب الغلامان في النزول على المكان لله تعالى، فأبَى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلا ابتياعه بثمنه، وكان في هذا الموضع نخيل وشجر، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بقطع النخيل والشجر، وبُني باللبن وجذوع النخل والشجر، وشارك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أصحابَه في حمل اللبنات والأحجار.

وأقيم المسجد في حدود البساطة، فراشه الرمال والحصباء، وسقفه الجريد، وأعمدته اللبنات والأحجار، وأقيم المسجد بهذه الهيئة -كما ذكرت- إلا أنه خرج رجالًا، ألا وهم أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.

وعلى كلٍّ، فما ذكرته يفيد بعد تعريف المسجد في اللغة والعرف، أن المسجد ينبغي أن يقام على أرض مكتسبة أعدت لهذا الغرض بطريق مشروع، وذلك عن طريق الشراء أو الكراء أو الهبة أو التبرع، وأن يكون الإنفاق عليه من أطيب الكسوب، ولقد ظل مسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بهذه البساطة مدة حياته، وأيضًا في خلافة أبو بكر -رضي الله عنه.

وزاد في بنائه عمر -رضي الله عنه- ثم زاد فيه زيادة كبيرة وغيره عثمان -رضي الله عنه- وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والجير، وجعل أعمدته من حجارة منقوشة، وكان -رضي الله تعالى عنه- يحرص على أن يكون أيضًا بناء المسجد بناءً غير متوسع فيه ولا متكلف، وليس في نصوص الإسلام -القرآن والسنة- شروط محددة لبناء المسجد، ولكن البيان العملي للرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يفيد أنه لا بد من أرض طاهرة غير مغتصبة على نحو ما سبق من بيان لمصدرها بتصرف شرعي، وأن تكون الأموال التي أنفقت كسوبًا حلالًا مبرأة من المحرمات، ومن أي شبهة.

أما نموذج المسجد، فإنه غير محدد، فقد يكون مسجدًا صغيرًا للقبيلة أو للقرية الصغيرة، وقد يكون مسجدًا جامعًا لقرى أو لقبائل عديدة، ومواد بنائه تختلف

<<  <   >  >>