للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى جانب ذلك: الطهارة المعنوية التي تتعلق بالجوارح؛ كيلا يقترف المسلم إثمًا، أو يرتكب منكرًا، أو يدنس نفسه بمعصية، كما تتعلق أيضًا بالقلوب، بحيث لا يحمل المسلم المؤمن المصلي لربه غِلًّا ولا حقدًا ولا حسدًا لأحد من خلق الله تعالى.

وفي المسجد يتدارس المسلمون كتاب الله، ويتلونه، ويؤدون الشعائر الدينية بإقامة الصلاة، وذكر الله -عز وجل- وتبصير المترددين على المسجد في شئون الدين والدنيا، وصبغتهم بالصبغة الإسلامية؛ لتكون لهم سلوكًا في حياتهم، وحتى لا يجرفهم تيار الرزيلة، فيقضي عليهم.

فرسالة المسجد إذن -على كل حال- تعليمية، تخلص الإنسان من عار الجهل، وتخلع عليه لباس الفضيلة، وتنقيه من الرزيلة، وهنا ندرك معنى قول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} (العنكبوت: من الآية: ٤٥) فالصلاة تطهر الإنسان الذي يعتادها، ويحب التشرف بأداء هذه الصلاة في المسجد، تطهره من الأنانية وحب الذات، وهذا أيضًا أثر بالغ الخطورة في حياة المجتمع، حين يتخلص من هاتين الرزيلتين.

وقد سبق أن ذكرت لكم أن رب العزة والجلال سبحانه أخبر في كتابه: أن الذين يقومون في المساجد في بيوت الله -تبارك وتعالى- إنما هم الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله -تبارك وتعالى- فهم يذكرون جلال الله وعظمته في كل شأنهم، ويراقبونه في جميع أعمالهم، وذلك مدعاة الإحسان والإتقان، كما أن ذلك أثر على الإنتاج ونجاح الأعمال وانتشار ألوية الحب، التي تظلل المجتمع، لا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد.

وكان للمسجد رسالته وله دوره، الذي يَصِلَ المسلمَ بربه أيضًا، كما كان له دوره الاجتماعي الذي يحقق له حياة عزيزة كريمة، ويصله بكل الحب والود ببني جنسه؛ بل وبالحياة كلها من حوله.

<<  <   >  >>