للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الإعلام قديم قدم الإنسان:

لقد عرف الإعلام إلى كل البيئات، واحتل مكانه في كل العصور، ذلك أن مطالب الإنسان لا تقتصر على تزويده بالحاجات المادية: كالطعام والشراب والمأوى، ولكنها تتعدى ذلك إلى رغبته في الاتصال بأمثاله من ذوي البشر، وتعتبر هذه الرغبة في الاتصال، من المطالب الأساسية التي أصبحت ضرورة حيوية للحفاظ على الجنس البشري.

والإعلام لم يكن وليد عصر من العصور أو حضارة من الحضارات؛ فلا يوجد مجتمع من المجتمعات مهما تفاوتت درجة تقدُّمه أو تخلُّفه، كما لا يوجد زمن من الأزمنة قديمًا كان أو حديثًا أو وسيطًا، إلا واحتل الإعلام مكانة فيه ذلك لأن الإنسان بطبيعته لا يستطيع الاكتفاء بأخباره الشخصية فقط، أو أخبار المجتمع المحدود الذي يحيا بداخله: كمجتمع القرية أو القبيلة أو الأسرة؛ ذلك أنه من الصعب أن تسير الحياة دون أن يتصل الناس بعضهم ببعض.

وقد كان الإنسان في المناطق النائية -كما كان العربي في الصحراء على سبيل المثال- يعرف بخبرته وتجاربه الضيقة مواضع الكلأِ، ومنابع المياه، ومطالع النجوم الذي يهتدي بها السائرون في البر والبحر، كما يعرف -بطريقة بدائية أيضًا- أخبار القبائل المجاورة من قبيلته، وطبيعة هذه القبائل، وعاداتها وتقاليدها، ونوع العلاقات التي بينها وبين القبائل المجاورة، وكانت لديه معلومات حصل عليها بهذه الوسيلة، وتركزت أهم وظائف الإعلام في ذلك الوقت، في تبليغ المنشورات والأوامر التي كانت يصدرها الحاكم أو السلطان، كما كانت الدعوة العامة إلى الجهاد إحدى الوظائف الأساسية للإعلام في ذلك الحين.

وهكذا عرفت المجتمعات البدائية الإعلام بأساليبه البسيطة الأولى، وكان الإنسان يمارس الإعلام بطرق فطرية لم يبذل فيها مجهودًا كبيرًا: كالحفر على الأحجار

<<  <   >  >>