رب العزة والجلال -سبحانه وتعالى- شبهة لهم إلا وكشف زيفها وبطلانها، ولا اعتراضًا إلا ودمغ القائلين به بالحق.
من هذا على سبيل المثال: اتهام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بافتراء القرآن وقد قال تعالى ردًّا عليهم في ذلك:{قُلْ فَأْتُوا بعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}(هود: من الآية: ١٣) وقال -جل ذكره- للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مبينًا مكانته واستحالة أن يأتي بهذا الكتاب من عند نفسه؛ مشيرًا إلى بعض الأدلة التي يعرفها عنه من عرفه وعايشه وشاهده، وذلك فيما قال تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}(العنكبوت: من الآية: ٤٨) أي ما كنت قارئًا ولا كاتبًا حتى تنقل مثل هذه الإخبار عن الأمم السابقة.
وقال الله -تبارك وتعالى-: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(يونس: الآية: ١٦) أي: كيف أمكث فيكم أربعين سنة من عمري لا أنطق بكلمة من هذا ثم أبدأ في الكذب المطلق والافتراء على الله -تبارك وتعالى- وقول هذه الآيات التي لم يكن عندي علم بشيء منها قط.
وهكذا نجد أن الله -تبارك وتعالى- لم يترك مناسبة إلا وردَّ فيها على هذا الاعتراض الذي يتوجه إلى صلب رسالة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أو من يشكك في أمانته وصدقه، وتحدى الله -عز وجل- المجادلين والمكذبين له أن يأتوا بدليل واحد يثبت دعواهم في كذب الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ولذلك لم يعد أمامهم إلا الإذعان أو الكفر والنكران؛ ولذلك قال الله -تبارك وتعالى- عن المكذبين:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}(الأنعام: من الآية: ٣٣).