للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطالما أنني أتحدث عن الجمعة لا بد أن أتحدث عن خطبة الجمعة، حيث كانت الخطابة -ولا تزال- تؤدي دورها الفعال في حقل الاتصال بالناس دون أن تستطيع وسائل الاتصال الجماهيرية التي أتت بها المدنية الحديثة أن تقضي عليها، أو أن تنال من قوتها المؤثرة في الإعلام والإقناع وذلك لما يلي:

أولًا: تتميز الرسالة الإسلامية التي تحملها الخطبة الدينية الناجحة بقدرتها على إحداث تأثير خاص لدى الرأي العام المتلقي لهذه الخطبة، بحكم ما ترتبط به الخطبة الدينية في أذهان الناس من مفهوم خاص، فهي تنهل من لغة القرآن الكريم والأحاديث النبوية في أغلب الأحيان.

ثانيًا: إن الإسلام يضع الخطبة في مكانة سامية، ويقدرها حق قدرها، وخطبة الجمعة هي واحدة من أبرز وسائل الإعلام الديني، وليس من قبيل المبالغة إذا اعتبرناها من أهم عوامل نجاح هذا النوع من العمل الإعلامي، الذي مارس دوره على مر العصور منذ انبثاق نور الدعوة الإسلامية، في عهد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى يومنا هذا، فلم تستطع ولن تستطيع عوامل الزمن وتعاقب الدول والحكومات أن تنال من قدرتها الفائقة على الإقناع والمواجهة.

وترجع أهمية خطبة الجمعة إلى أنها مرتبطة بفريضة صلاة الجماعة ذاتها، بل أن خطبة الجمعة هي التي تميز صلاة الجمعة عن بقية الصلوات الخمس اليومية على مدار الأسبوع؛ فأصبح لزامًا على كل مسلم أن يشهد هذه الخطبة؛ انطلاقًا من قوله تعالى في سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (الجمعة: من الآية: ٩) والنداء أي: الآذان يسبق الخطبة كما يسبق الصلاة، وقد أشار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى ذلك، وحث ورغب في الحضور المبكر إلى المسجد في يوم الجمعة، وأخبر أن هناك ملائكة

<<  <   >  >>