للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول عمر -رضي الله عنه- كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية بن زيد، -وهم من عوالي المدينة- وكنا نتناوب النزول على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من وحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك.

ولعمر -رضي الله تعالى عنه- منقبة جليلة وعظيمة للغاية، ويا لها من منقبة عظيمة جليلة، حيث أنه وافق ربه في كثير من المواقف، وأنزل الله -عز وجل- القرآن موافقًا لرأي عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وفي ذلك ما رواه لنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث -قال الحافظ في "الفتح" في قوله: وافقت ربي في ثلاث، أي ثلاث وقائع، والمعنى: وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، لكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه أو أشار به إلى حدوث رأيه، رضي الله تعالى عنه، وهذا من الأدب- فقلت: ((يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (البقرة: من الآية: ١٢٥) وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله! -صلى الله عليه وآله وسلم- لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الغيرة عليه فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن، فنزلت هذه الآية)).

وأذكر لكم هنا موقفًا جليلًا للفاروق -رضي الله عنه- يوضح مدى ثقته في الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((لما كانت غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة، قالوا: يا رسول الله! -صلى الله عليه وآله وسلم- لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا من الإبل فأكلنا وادهنا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: افعلوا. قال: فجاء عمر فقال: يا رسول الله! -صلى الله عليه وآله وسلم- إن فعلت قل الظهر، ولكن ادعهم فليأتوا بفضل أزوادهم، ثم ادع لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: نعم. فدعا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بنطع فبسطه -والنطع: هو بساط متخذ من أديم- ثم دعا بكسرة حتى

<<  <   >  >>