للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغزوة علم أن ابنته رقية قد لحقت بجوار ربها، فحزن -صلى الله عليه وآله وسلم- حزنًا شديدًا وواسى عثمان -رضي الله عنه- فضرب له بسهمه وأجره فكان كمن شهد بدرًا، ثم زوجه من ابنته الثانية أم كلثوم، وقال: ((لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان)) وسمي ذي النورين لجمعه بين بنتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.

وهذه أيضًا منقبة أخرى جليلة لأمير المؤمنين عثمان -رضي الله تعالى عنه- ولذلك أبادر وأسارع وأوجه خطابي إلى الرافضة فأقول: ماذا تنقمون على هذا الإمام، أمير المؤمنين الورع الزاهد التقي النقي -رضي الله تعالى عنه- الذي تزوج ببنتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهل بعد ذلك من فضل يمكن أن نتحدث عنه لمثل هذا الرجل -رضي الله تعالى عنه.

ومن جهاده أنه لما جاءت غزوة تبوك -رضي الله عنه- والناس في عسرة شديدة، حيث قد طابت الثمار وأحب الناس الظلال، عندئذ حض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المسلمين على الجهاد ورغبهم فيه، وأمرهم بالصدقة، فحملوا صدقات كثيرة، وكان أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أول من حمل بماله كله أربعة آلاف درهم، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هل أبقيت لأهلك شيئًا)) فقال: الله ورسوله، ثم جاء عمر بنصف ماله، وحمل العباس بن عبد المطلب، وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهما- إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مالًا، وحمل عبد الرحمن بن عوف إليه مائتي أوقية، وحمل سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إليه مالًا، وكذلك محمد بن مسلمة -رضي الله عنه- وتصدق عاصم بن عدي -رضي الله عنه- بتسعين وسقًا من التمر، والنساء يعن بكل ما قدرن عليه. قالت أم سنان الأسدية -رضي الله عنها-: لقد رأيت ثوبًا مبسوطًا بين يدي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في بيت عائشة -رضي الله عنها- فيه مَسَكٌ، مسك: يعني أساور وخلاخيل، من القرون والعاج، ومعاضد وخلاخل: وهي الحلية التي تلبسها المرأة في الرجل- وأقرطة -وهو ما يعلق في شحمة الأذن- وخواتيم، وقد مُلِئَ مما بعث به النساء يُعِنَّ به المسلمين في جهازهم، وأنا أذكر ذلك لأبين لأبنائي الطلاب أن هؤلاء جميعًا كانوا يجاهدون في سبيل الله -تبارك وتعالى- لإعلاء دين الله -عز وجل-

<<  <   >  >>