للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولدعوة الناس إلى الله، كل هؤلاء لما دعا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى هذه الغزوة وحض وحث المسلمين على التبرع لها، والإنفاق في سبيل الله -عز وجل- فعل هؤلاء ما فعلوا، أما والحديث عن عثمان -رضي الله عنه- فأذكر هنا ما قاله عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- أن عثمان بن عفان جاء إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة، فنثرها في حجره فرأيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقلبها في حجره ويقول: ((ما ضر عثمان ما فعل -أو ما عمل- بعد اليوم، ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم))، إنها كلمات جميلة من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تبين مدى فرحة النبي -عليه الصلاة والسلام- بهؤلاء الرجال الأطهار الأبرار.

عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- عرف عنه أنه جهز جيش العسرة، وأنه أتى للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بألف دينار في كمه، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وضع على جبين الدهر كله هذه الكلمات الرائقة الرائعة: ((ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم)) وكررها -صلى الله عليه وآله وسلم- مرتين؛ لأنه -رضي الله عنه- قام بتجهيز الجيش كله حتى لم يتركه بحاجة إلى خطام أو عقال. وفي ذلك يقول ابن شهاب الزهري -رضي الله تعالى عنه- قدم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيرًا وستين فرسًا أتم بها الألف.

ويقول حذيفة -رضي الله تعالى عنه-: ((جاء عثمان إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبها بين يديه، فجعل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يقلبها بيده ويقول: غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة)) وهذا أيضًا وفاء من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لعثمان ودعوة مباركة متقبلة لهذا الإمام، لهذا الخليفة الزاهد الورع -رضي الله تعالى عنه- الذي مات شهيدًا في سبيل الله حينما قتله الظلمة الخارجون على الإسلام وعلى المسلمين، قتلوا أمير المؤمنين الخليفة، الزاهد، الورع، التقي -رضي الله تعالى عنه- وهذا الخليفة هو الذي يقول عنه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة)).

ولما آلت الخلافة إليه -رضي الله تعالى عنه- وهذا موقف آخر يذكر لأمير المؤمنين عثمان -رضي الله تعالى عنه- ويتبين لنا من خلال الجهاد الضخم الذي قام به في سبيل -تبارك وتعالى- لما آلت الخلافة إلى عثمان -رضوان الله تعالى عليه- فتح الله على يديه أرمينية والقوقاز، تأملوا هذه البلاد كلها، نصر الله المسلمين وسودهم على خراسان وكرمان وسجستان وقبرص، وطرف غير قليل من إفريقيا، وكل ذلك كان في عهد أمير المؤمنين -رضي الله تعالى عنه-

<<  <   >  >>