للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكالبت جموع الشرك على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وصحبه في المدينة النبوية حتى كان بين النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين بني قريظة عهدًا ولكنهم نقضوه وخالفوه وتمالئوا أيضًا هم مع عموم المشركين، فلما تكالبت قوى الشرك هكذا وتمالئوا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في مدينته أراد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يعقد صلحًا منفردًا بينه وبين غطفان، على أن تفك غطفان الحصار على المدينة النبوية وتنسحب بجيوشها وتخذل الأحزاب، على أن يعطيهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ثلث ثمار نخل المدينة واستشار رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- السعدين، استشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فقال سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: يا رسول الله -تأملوا هذه الكلمات التي خرجت من فم هذا الصحابي الجليل- قد كنا نحن وهؤلاء القوم -يعني غطفان- لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرًى أو بيعًا، وإن كانوا ليأكلون العلهز -العلهز: بر يخلط بدماء اللحم، كانت العرب في الجاهلية تأكله، وذلك الجدب والقحط، يعني أنه يبين أن هؤلاء كان يصيبهم من القحط ما يصيبهم حتى كانوا يأكلون العلهز في الجاهلية، وذلك من الجهد- ثم قال: أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نقطعهم أموالنا، ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ثم خرج سعد إلى سيدي غطفان وقد رفع صوته في تحد: ارجعا ليس بيننا وبينكم إلا السيف. إنها والله كلمات تصدر من فم الصادق سعد -رضي الله عنه- تتفجر منها ينابيع الرجولة والشجاعة والأنفة فتبث الأمل في نفوس المسلمين، وتدهش سيدي غطفان فيفيقوا ويعلمهم سعد -رضي الله عنه- أن الذي يصنع النصر إنما هو قوة العقيدة وزخم الإيمان بالله والثقة به، وأنهم حينما خرجوا إنما خرجوا معتمدين على رب العزة والجلال، وأنهم سيواجهون أعتى قوى الشرك.

وهناك موقف آخر أود أن أختم به الحديث عن هذا الصحابي الجليل -رضي الله تعالى عنه- إنه هو موقفه الذي حكم فيه على بني قريظة، وقد حكم فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات، فما هو هذا الموقف؟

<<  <   >  >>