للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون من المجاهدين الصابرين الصادقين في سبيل الله حقًّا، من هم الرجال الذين يمكن أن يتملكوا الراية وأن يمسكوها وأن يقبضوا عليها، وأن يفتح رب العزة والجلال -سبحانه وتعالى- عليهم؛ ولذلك نجد أن عمر -رضي الله عنه- كتب خطابًا في هذه المعركة وكتابًا قال فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين، إلى النعمان بن مقرن، سلام عليك -أنا أذكر هذا الخطاب لأبين للمستمعين الكرام ماذا كان يعلم عن حذيفة -رضي الله عنه- وماذا فعل حذيفة -رضي الله تعالى عنه- وفيما أذكر إشارة لامعة واضحة إلى جهاد هؤلاء الصحب الكرام جميعًا في سبيل الله -تبارك وتعالى- وأنهم -رضوان الله تعالى عليهم- بذلوا كل ما يملكون في سبيل نشر الإسلام، والدعوة إليه وفي سبيل إسعاد الناس بنطقهم بلا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- كتب عمر إلى النعمان بن مقرن: سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنه قد بلغني أن جموعًا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند، فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبعون الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين ولا توطئهم وعرًا فتؤذيهم، ولا تمنعهم حقهم فتكفرهم، ولا تدخلهم غيضًا -والغيض هو المكان الملتف الشجر، وهنا أمير المؤمنين -رضي الله عنه- يحرص على جند الإسلام، ويسعى في أن يحتفظ بهؤلاء الرجال الأبرار، ولا يود -رضي الله تعالى عنه- أن يهلكوا أو أن يكونوا في مكان يمكن أن يصابوا فيه بأذى، وهذا من حب أمير المؤمنين -رضي الله تعالى عنه- للإسلام، ولله ولرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولدين الله -عز وجل- وحبه أيضًا لمن دخل في هذا الدين، وتأملوا قول أمير المؤمنين بعد ذلك- فإن رجلًا من المسلمين أحب إلي من مائة ألف دينار والسلام عليك، فسر في وجهك ذلك حتى تأتي "ماء" فإني قد كتبت إلى أهل الكوفة أن يوافوك بها -مكان هناك- فإذا اجتمع إليك جنودك فسر إلى القيروان، ومن جمع معه من الأعاجم من أهل فارس وغيرهم، واستنصروا -استنصروا يعني بالله- وأكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله.

هكذا كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى النعمان بن مقرن، ثم كتب إلى نائب الكوفة بعد ذلك، عبد الله بن عبد الله أن يعيِّن جيشًا ويبعثهم إلى نهاوند وليكن الأمير عليهم حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه. وأنا ذكرت ذلك لأبين كيف أن عمر -رضي الله عنه، هذا الرجل الملهم الموفق- كيف أنه يعرف الرجال وأنه قد اختار حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه- عمر بن الخطاب يكتب إلى نائبه في الكوفة فيقول: ليكن الأمير على هؤلاء جميعًا حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه- حتى ينتهي إلى النعمان بن مقرن، فإن قتل النعمان فحذيفة بعد ذلك: يعني يذهب حذيفة بالجيش من الكوفة حيث النعمان هناك، فإذا التقى كان النعمان هو قائد الجيش، فإن قتل النعمان رجع الأمر إلى حذيفة

<<  <   >  >>