للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهم، فأخبرهم أنه كتابي، ومرهم فليبايعوا من وليت، ففعل رجاء، فقالوا: قال: نعم. فدخلوا، فقال لهم: عهدي، فاسمعوا له وأطيعوا، وبايعوا لمن سميت في هذا الكتاب، قال: فبايعوه رجلًا رجلًا، ثم خرج بالكتاب مختومًا في يد رجاء، قال رجاء: فلما تفرقوا جاءني عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا المقدام، إن سليمان كانت لي به مودة، وكان بي برًّا، فأنا أخشى أن يكون قد أسند إلي من هذا الأمر شيئًا، فأنشدك الله، إلا أعلمتني إن كان ذلك؛ حتى أستعفيه الآن، قبل أن تأتي حال لا أقدر فيها على ذلك، فقال رجاء: والله، ما أنا مخبرك حرفًا واحدًا، فذهب عمر -رضي الله تعالى- عنه غضبان.

ولما مات سليمانُ بويع لعمر -رضي الله تعالى- عنه بالخلافة، وكان عمر -رضي الله عنه- إمامًا خليفة عادلًا، قال سفيان الثوري: أئمة العدل خمسة -تأملوا هذه الكلمات من إمام كسفيان الثوري -رحمه الله -تبارك وتعالى- أئمة العدل خمسة- أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز؛ من قال غَيْرَ هَذَا فَقَدِ اعْتَدَى. هذه كلمة في الحقيقة كبيرة وعظيمة وجليلة ولها وقع في التاريخ الإسلامي؛ لأنها صدرت من هذا الإمام العالم الزاهد: سفيان - رحمه الله -تبارك وتعالى- ثم انظروا بعد ذلك إلى كلمة أيضًا قالها إمام أهل السنة والجماعة في عصره: الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله -تبارك وتعالى- قال الإمام أحمد: يروى في الحديث: ((أن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يُصَحِّحُ لهذه الأمة دينها)).

قال أحمد: فنظرنا في المائة الأولى؛ فإذا هو عمر بن العزيز، ونظرنا في المائة الثانية فنراه الشافعي، وبناء على ذلك، فإن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- تبارك وتعالى- يعتبر أن الخليفة الزاهد الراشد العادل الموفق عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- تبارك وتعالى- هو الذي كان على رأس المائة الأولى، الذي أعز الله -تبارك وتعالى- به الدين، وصحح به مسيرة الخلفاء الذين قبله، الذين قد جاوزا شيئًا من الحد، ولا يسلم غالبًا من هذا بشرٌ، وإن كان وقع شيء من ذلك فأمر هؤلاء العباد إلى الله -تبارك وتعالى-

<<  <   >  >>