للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق، وبدين الحق يقصد الخير ويعمل به، فلا بد من علم الحق، وقصد له، وقدرة عليه، والفتنة تضاد ذلك فإنها تمنع معرفة الحق أو قصده أو القدرة عليه، فيكون فيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل حتى لا يتميز لكثير من الناس أو أكثرهم -يعني: لا يتميز الحق- ويكون فيها من الأهواء والشبهات ما يمنع قصد الحق وإرادته، ويكون فيها من ظهور قدرة الشر ما يضعف القدرة على الخير، ولهذا ينكر الإنسان قلبه عند الفتنة، فيرد على القلوب ما يمنعها من معرفة الحق وقصده، ولهذا يقال: فتنة عمياء صماء، ويقال: فتن كقطع الليل المظلم ونحو ذلك من الألفاظ التي يتبين ظهور الجهل فيها وخفاء العلم.

وهذه القاعدة في الحقيقة قاعدة عظيمة وضحها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تبارك وتعالى- في كثير من كتبه، فالفتنة أعاذني الله وإياكم منها تصد الناس عن الحق والفتن كانت سببًا في تمزيق الأمة الإسلامية إلى فرق وأحزاب وشيع، وإن ما نشاهده اليوم من كثرة الفرق والاختلافات المتعددة في العقائد والمناهج، والله إنها لمن الفتن التي ابتليت بها أمة الإسلام ولذلك نسأل الله -عز وجل- أن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

القاعدة السادسة -من قواعد منهج الاستدلال عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهي قاعدة عظيمة، أختم بها هذا اللقاء وهي: العبادة: العبادة مبناها على الاتباع لا على الابتداع، هذه في الحقيقة قاعدة عظيمة جدًا، يقوم الدين كله عليها، ولذلك قال فيها شيخ الإسلام -رحمه الله-: العبادات مبناها على أصلين -تأملوا هذا الكلام الجليل.

أحدهما: ألا يعبد إلا الله، لا نعبد من دونه شيئًا؛ لا ملكا ولا نبيا ولا صالحًا ولا شيئا من المخلوقات. فالعبادة يجب أن تكون خالصة لله وحده دون سواه، فلا يتوجه بها الإنسان لا إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل ولا إلى ولي أو صالح أو غير ذلك من سائر المخلوقات؛ لأن الجميع مخلوق مربوب عند رب

<<  <   >  >>