للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حفظها، وفهم معانيها، والعمل بمقتضاها، ويهمنا هنا أن أبين في عجالة سريعة مذهب السلف الصالح -رحمهم الله تبارك وتعالى- في أسماء الله، وصفاته، فأقول: إن مذهب السلف الصالح في أسماء الله وصفاته، يقوم على ثلاثة أصول:

الأصل الأول: الإيمان بكل الأسماء والصفات التي أثبتها الله لنفسه، أو أثبتها له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ونفي كل ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم.

وهذا أمر بدهي، فالمسلم يعلم أن الحق ما قرره العليم الخبير سبحانه، وليس بعد الله أعلم بالله من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي قال الله عنه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: ٣ - ٤).

وقبيح بالمرء أن يقول له الرب لي سمع، وبصر ورحمة، ويد؛ فيقول: ليس لك سمع، ولا بصر، ولا رحمة، ولا يد، والسلف يثبتون هذه الصفات إثباتًا من غير تحريف، ولا تمثيل ولا تكييف، ولا تعطيل.

الأصل الثاني: تنزيهه -جل وعلا- عن مشابهة صفاته بصفات خلقه، فالله تعالى لا تشبه ذاته ذوات المخلوقين، وكذلك صفاته، كما قال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى: ١١) وهذه الآية دلت على الأصل الأول، والثاني؛ لأن قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} يدل على أن صفاته لا تشبه صفات خلقه، وقوله -تبارك وتعالى-: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} يدل على أن له سمعًا وبصرًا.

وينبغي أن أنبه هنا إلى الذين نفوا صفات الخالق، أو أولوها، وأقول: إنهم في الحقيقة ما عرفوا قدر الله وعظمته، فالله -عز وجل- عندما يحدثنا عن صفاته، يجب أن يتبادر إلى ذهن المسلم، أن هذه الصفات هي فوق ما يتصور الواصفون، وأنها كمال لا يعروه نقص.

<<  <   >  >>