للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان كما سيأتي وأشير دخل كثيرٌ من التحريف على الكتب السماوية السابقة؛ لأنها لم تُحْفَظْ كما حَفَظَ الله -تبارك وتعالى- آخر كتاب نزل من عنده ألا وهو القرآن الكريم.

وأما كون الإيمان به واجبًا عقلًا، فإنه يظهر للمتأمل من حيث حاجة العباد إليها، وإقامة الحجة عليهم بها، فإن الرسول المبلغ عن الله شرائعه وأحكامه يحتاج غالبًا في إثبات رسالته إلى كتاب من الله تقوم به الحجة له على تلك الأمة التي أُرسل إليها حتى يؤمنوا به ويصدقوه ويتبعوه، ويعملوا بما جاءهم به، والتشريع الإلهي نفسه يفتقر إلى كتاب يحويه ويتضمنه، ويُثبت فيه؛ ليبقى بعد وفاة الرسول الذي جاء شرعًا محفوظًا تعمل به الأجيال إلى المدى الذي حدد له بلصقه برسالة أخرى، أو بنسخ بعض ما جاء فيه كما حصل للتوراة والإنجيل، فقد نسخ الله تعالى بالإنجيل بعض أحكام التوراة، ونسخ بالقرآن الكريم الإنجيل والتوراة كليهما، ولولا بقاء الكتاب بعد الرسول لضاع الدين الذي جاء به، أو ضاع الكثير منه، وحينئذٍ يقول الناس: بِمَ نعبد الله؟ وكيف نعبده ولم يكن لدينا من شرائعه ما نعبده به؟ ولهذا أقول: بأن العقل يدل على وجوب الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- أنزل كتبًا من عنده.

جـ- أنتقل إلى النقطة الثالثة في هذا اللقاء، وهي بعنوان: منزلة القرآن الكريم بين كتب الله تعالى:

إن ممّا لا شك فيه عند الدارسين للقرآن الكريم الواقفين على أسراره وعجائبه، العالمين بما حواه من أصول التشريع وقواعده، والمدركين لحقائق العلمية التي أثبتها أن للقرآن الكريم منزلة خاصة بين سائر الكتب الإلهية التي تقدمته في النزول، وتتجلى هذه المنزلة العالية بالقرآن العظيم بإمعان النظر في النقاط التالية:

أولًا: كونه ناسخًا لها لفظًا وحكمًا، فلا تقرأ للتعبد، ولا يعمل بما فيها من شرائعَ وأحكامٍ، وذلك لما داخلها من تحريف، وما

<<  <   >  >>