للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للشيطان يتدلّى بحبله كلّ إنسان، إلاّ من عرّفه الله عيوب نفسه، وفتح بصيرته بنور هدايته".

الدرجة الرابعة: التعنيف بالقول الغليظ واللفظ الحاد، دون تجريح وتفحّش في القول، أو تلاعن وسبّ بالكفر. ولقد ساق القرآن الكريم أدب الأنبياء حتى في شدّة حِدّتهم، وبيّن عفّة لسانهم وهم في قمة ثورتهم، فحكى عن إبراهيم -عليه السلام- صورة تعنيفه بالقول، قال تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ} (الأنبياء:٦٦).

ولهذه المرتبة أدبان:

أحدهما: ألاّ يُقدم عليها إلا عند الضرورة، والعجز عن اللطف.

الثاني: أن لا ينطق إلاّ بالصدق، ولا يقول في المخالف إلاّ حقاً، ولا يدفعه إنكار المُنكَر أن يصفه بما ليس فيه.

بهذا النهج الإسلامي الراقي، وهذا الأسلوب المهذّب الفريد الرائد، يتناصح الناس فيما بينهم ويصبح كل مسلم مرآة لأخيه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((المسلم مرآة أخيه)). يعظ كلّ منهم الآخَر في مودّة، وينبّهه إلى الأخطاء من غير عنف، ويُرشده بدون قسوة.

وإنه ممّا يجدر ملاحظته: أن كلمة {قُلْ}، والمكوّنة من حرفيْن فقط، وردت في القرآن الكريم في أكثر من ثلائمائة مرة، ممّا يشير إلى اعتماد الدعوة إلى الله على القول باللسان.

ولقد كانت فصاحة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبلاغته وروعة بيانه، وحسن حديثه، لها الجانب الأكبر في الدعوة إلى الإسلام.

<<  <   >  >>