للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- أن يتمهّل العقل في الحُكم على الأشياء، وأن يتأنّى للوصول إلى الحقيقة. وينبغي أن تتعاون العقول وتتلامح الأفكار، لمعرفة الحقّ والصواب. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (سبأ:٤٦).

هـ- أن يتحرّر العقل من اتّباع الهوى؛ قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} (الجاثية:٢٣)، وأن يتخلّص من مؤثِّرات البيئات المُنحرفة، ومن عادات وتقاليد ما توارث عن الآباء من عادات وتقاليد تتنافى مع صحيح العقيدة. قال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (الزُّخرُف:١٩ - ٢٣).

وهكذا يتعانق العقل ويتصافح مع الإسلام في مودّة صادقة وتعاون مستمر، لبناء حضارة إنسانية مرتبطة بوحي السماء ورسالات الأنبياء، التي تزيل غشاوة العقول، وتذيب صدأ القلوب، وتحقّق للإنسان ما خلَقه الله لأجله. أمّا حينما ينطلق العقل الإنساني بعيداً عن ضوابط الشّرع، ويندفع وراء الأهواء والظّنون، ويتّبع خطوات الشيطان الذي يُزيِّنُ له الانحراف في الفكر تحت مسمَّى الحرية، والضلال في الرأي تحت دعاوى الإبداع، فإنه يكون كالجواد الجامح وكالثور الهائج الذي يُحطِّم كلّ ما حوله. وإنّ ما تشاهده البشرية من انحراف في العقيدة،

<<  <   >  >>