للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقود الجيوش، ويبعث بالسرايا، ويُعطي المَثَل الأعلى في تنظيم الجيوش وآداب الحروب. وفي ميدان السياسة، فهو -صلى الله عليه وسلم- السّياسيّ البارع الذي يملك نواصي القلوب بالحكمة والموعظة الحسنة، يستقبل الوفود، ويرسل الرسل، ويبعث بالكتب إلى أكاسرة الفُرس وقياصرة الرّوم وأمراء الجزيرة. وهو -صلى الله عليه وسلم- خير زوج يُحسن معاملة زوجاته، ويَعدل بينهنّ، ويستمع إليهن، ويأخذ برأيهنّ، وتتملّكه الرحمة والشفقة بالمؤمنين وبالإنسانية جمعاء، وعلى كلّ من حوله حتى الحيوانات.

وهكذا كلّ ميدان من ميادين الحياة الدِّينية والاجتماعية، تتألق فيها عظمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويكون هو الرائد فيها، والمَثَل الأعلى لأمّته وللإنسانية إلى قيام الساعة.

وما انتكست البشرية في أخلاقها، وما تدهورت أوضاعُها، وما فقد العالَم الأمن والأمان، إلا بسبب عدم الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} (الأنعام:١٠٤).

والاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس ترفاً فكرياً، أو سلوكاً اختيارياً، تأخذ به الأمّة متى شاءت، وتتغاضى عنه متى أرادت؛ بل هو أصْل من أصول الإسلام، وجوهر عقيدة هذا الدَِّين، ومعْلم بارز من ثوابت هذه الأمّة وملامح شخصيّتها التي تميّزت بها عن الناس جميعاً؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (التوبة:١٢٨).

وحبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس كلمات تُردَّد، وأناشيد يشدو بها المُنشِدون، ولكنه حبّ عميق، والتزام بشرْعه، واقتداء بسنّته واتِّباع لشخصه؛ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران:٣١).

<<  <   >  >>