للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد تشرّبت الصحابة -رضوان الله عليه- روح الإخلاص، وضربوا في ذلك أمثلة نادرة فيه، تلألأت بها صفحات الإسلام. ومن ذلك: إخلاص جعفر بن أبي طالب في مناقشته مع نجاشي الحبشة، وصدْقه وإخلاصه في إبداء رأي الإسلام في عيسى -عليه السلام-. وقد كان من ثمرة إخلاصه -رضي الله عنه-: أنّ النجاشي رقّ قلبه وبكى، حتى اخضلّت لحيتُه، وقال: "إنه وعيسى ليخرجان من مشكاة واحدة"، وأبقاهم في الحبشة هو ومَن معه من المسلمين، ولم يُسلمهم لعمرو بن العاص.

ولقد كان الإخلاص الذي تخلّق به مصعب بن عمير -رضي الله عنه- من أكبر أسباب دخول الأوس والخزرج في الإسلام.

وأصبح الإخلاص خُلُق المسلمين، يتميّزون به وينفردون به عن غيرهم من الأمم، يأخذونه من سلَف الأمّة إلى خلَفها، من الفقهاء والدعاة. وغدا الإخلاص من أهمّ عوامل نجاح الدّعوة إلى الله، ومن الأسباب الرئيسة والوسائل المفيدة في اقتناع المَدعُوِّين وتأثّرهم واستجابتهم لِما يُلقى عليهم من تعاليم الشّرع الحكيم وبيان أحكامه.

وما انتشر الإسلام في أرجاء العالَم إلاّ مِن خلال صدْق النية، وإخلاص التّوجّه إلى الله، والتجرّد من كلّ شوائب الإشراك في الأعمال، قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (الأحزاب:٢٣).

تابع: الإخلاص في القول والعمل

فخُلُق الإخلاص من محامد الإسلام وفضائله، وقد حظي في رحاب القرآن والسُّنّة بتوجيه المسلمين إليه، وحثّهم عليه.

<<  <   >  >>