للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: في الأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر النّجاة من الهَلاك، والمُحافظة على سلامة المُجتمع وأمْنه؛ فعَن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((مَثَل القائم على حدود الله والواقع فيها كمَثَل قومٍ استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبَعضهم أسفلها. فكان الذين في أسفلها إذا استقَوْا من الماء مَرّوا على مَن فَوقهم، فقالوا: لو أنّا خَرقْنا في نَصيبنا خَرقاً ولم نُؤذ مَن فَوْقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجَوْا، ونجَوْا جميعاً)).

ولقد بيَّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدَّعوة للحق ومُواجَهة الباطل من أفضل الجِهاد مَنزلةً عِند الله، لا سيما حينما يُصْدعُ بها أمام الحُكَّام الجَبابِرة، والرُّؤساء الظَّالمين المُّستبِدِّين؛ فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((أفضل الجِهاد: كلمةُ عَدلٍ عند سُلطان جائِر))، رواه النسائي بإسناد حسَن.

فالنصيحة للمسلمين، وتعاونهم على البر والتقوى، وعَدم التعاون على الإثم والعدوان، فَرْض دينيّ وواجب شرعيّ يحافظ على ثوابت المجتمع، ويُحْكِمُ التَّرابط بين أفراده.

قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة:٢).

يقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: "يأمر الله عِباده المُؤمنين بالمُعاونة على فِعل الخَيرات وهو البِرّ، وتَرْك المُنْكرات وهو التَّقوى، وينهاهم عن التَّناصُر على الباطل والتَّعاون على المآثِم والمَحارم".

وقد بيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّ من الأمر بالمَعْروف والنهي عن المُنْكر: مَنع الظالِم وردْعه عن ظُلمه وعُدوانه، والوقوف بجانب المَظلوم وحمايته؛ فعَن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اُنْصُرْ أخاك ظالِماً أو مَظلوماً)). قيل: يا

<<  <   >  >>