للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في نحو: ضربان أخواك، وتكون الواو علامة جمع في نحو: ضربوني قومك، وإلى هذا أشار سيبويه بقوله في (الكتاب): "واعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومك، وضرباني أخواك؛ فشبهوا هذا بالتاء التي يُظهرونها في: قالت فلانة، وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامةً كما جعلوا للمؤنث". انتهى.

وواضح مما ذكره سيبويه أنه لم يؤوّل ما جاء على هذه اللغة؛ لأنها لغة لقوم مخصوصين من العرب، وقد بين ذلك الدسوقي في (حاشيته على المغني) فقال: "إن تواطؤ أهل هذه اللغة على الإتيان بالواو والألف يُبعد جعلهم لها فاعلات، بل الغرض إنما أرادوا العلامات". انتهى.

ونخلص مما سبق إلى أن ما كان لغة لقوم من العرب لا يجوز تأويله، ومما لا يجوز تأويله فيه؛ لأنه لغة لبعض العرب قولهم: ليس الطيب إلا المسك، بالرفع، فإن لغة الحجازيين نصب الخبر ولغة بني تميم رفعه؛ لأنهم يجرون "ليس" مجرى "ما"، فيهملونها إذا انتقد النفي بـ"إلا"، كما تُهمل ما في نحو قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} (آل عمران: ١٤٤)، ولما كان رفع لغة لبعض العرب قال جمهور النحويين: الطيب مبتدأ والمسك خبره، بلا تأويل، وخالف في ذلك بعض النحاة، منهم أبو عليٍّ الفارسي وابنُ مالك، فذهبوا إلى التأويل.

وحاصل ما ذكروه من أوجه في تأويل هذا القول أربعة أوجه:

أولها: أن يكون في ليس ضمير الشأن، و"الطيب" مبتدأ، و"المسك" الخبر، وتقدر "إلا" حينئذٍ داخلة على الجملة، فيكون التقدير: ليس إلا الطيب المسك.

وثانيها: أن يكون "الطيبُ" اسمَ ليس، والخبرُ محذوفًا، و"إلا المسك" بدل منه، والتقدير: ليس الطيب في الوجود إلا المسك.

والثالث: أن يكون "الطيب" اسم ليس، و"إلا المسك" نعت له، والخبر محذوفًا. والتقدير: ليس الطيب الذي هو غير المسك طيبًا في الوجود.

<<  <   >  >>