للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومجمل ما ذكره ابن جني في هذا النص: أن نحو: مررت بزيد، ونظائره مما يتعدى فيه الفعل بحرف من حروف الجر يستدل به على أن الجار والمجرور معدود من جملة الفعل؛ كما يستدل به على ضد ذلك -أي: على أنه معدود من جملة الاسم المجرور به، ووجه كونه معدودًا من جملة الفعل أنه معدٍّ للفعل؛ فهو بمنزلة همزة التعدية التي تكون مجعولة حرفًا من بنية الفعل: وهي همزة أفعل؛ فكذلك ما عاقبها -يعني: ما ناب عنها وخلفها.

ووجه كونه جاريًا مجرى بعض مجروره أمران:

أحدهما: أنه يحكم لموضع الجار والمجرور بالنصب؛ فيعطف عليهما بالنصب مراعاة لموضعهما في نحو: مررت بزيد وعمرًا؛ فعمرًا منصوب عطفًا على موضع بزيد عند ابن جني.

والآخر: أنه لا يفصل بينهما بفاصل؛ لأنهما بمنزلة الجزء الواحد.

ونحن نلاحظ أن السيوطي لم يذكر في (الاقتراح) ما أجازه ابن جني من نحو: مررت بزيدٍ وعمرًا؛ لأنه لا يجيز ما أجازه ابن جني من مثل هذا الإعراب؛ وإنما يختار مذهب المحققين في اشتراطهم في العطف على الموضع إمكان ظهور هذا الموضع في فصيح الكلام، ولا يجوز في فصيح الكلام أن يقال: مررت زيدًا، ومن هنا؛ لا يجوز العطف بالنصب عندهم ما دام المعطوف عليه لا يجوز نصبه وإسقاط الجار منه في الكلام الفصيح؛ لما فيه من تعدية القاصر بنفسه.

أما قول جرير:

تمرون الديار ولم تعوجوا ... كلامكمو عليَّ إذًا حرامُ

فمقصور على السماع، أو ضرورة.

<<  <   >  >>