للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عارضه أصل آخر؛ لأن أصلها الضم في "منذ"، وضمت فيه لالتقاء الساكنين إتباعًا لضمة الميم؛ فهنا إذًا أصلان تعارضا:

الأول: الأصل الأبعد، وهو السكون.

والثاني: الأصل الأقرب، وهو الضم.

فكان الرجوع إلى الأصل الأقرب أولى؛ فضمت الذال من "مُذ" عند التقاء الساكنين ردًّا إلى الأصل الأقرب، وهو "منذ"، ولم ترد إلى الأبعد الذي هو سكونها؛ لأن مراجعة الأصل الأقرب أولى من مراجعة الأبعد.

ومما تعارض فيه أصلان: أحدهما قريب والآخر بعيد: قولهم: بعت -بكسر الباء- وقلت -بضم القاف- فأصل الفعلين -باع وقال-: أن يكونا على وزن فعَل؛ فلما أسندا إلى تاء الفاعل نقل "باع" -وهو الأجوف اليائي- إلى وزن فعِل بكسر العين، ونقل الفعل قال -وهو الأجوف الواوي- إلى وزن فعُل بضم العين، ثم قلبت كل من الواو والياء ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما؛ فالتقى ساكنان، وهما: العين المقلوبة ألفًا، ولام الفعل التي سكنت لاتصال الفعل بتاء الفاعل، ثم نقلت الكسرة التي في عين الفعل الأول، وهو بِعْت، إلى فاء الكلمة، ونقلت الضمة التي في عين الفعل الثاني، وهو قلت، إلى الفاء أيضًا؛ فقيل: بعت، وقلت، وفي هذا النقل مراجعة للأصل الأقرب، وهو اعتبار الفعلين بعد نقلهما من فعَل المفتوح العين إلى فعِل وفعُل المكسور العين والمضمومها.

وننتقل الآن إلى الحديث عن: تفضيل السماع والقياس على استصحاب الحال:

إن استصحاب الحال من أصول النحو الغالبة عند الأنباري؛ فقد قال في (لمع الأدلة): "وهو -أي الاستصحاب- من الأدلة المعتبرة" انتهى.

<<  <   >  >>