للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرًا والقبائل من هلال

فجمع بين الفعلين سقى المجرد، وأسقى المزيد بحرف، وهما بمعنًى واحد، يقال: سقيت الرجل، وأسقيته، كما يقال: سقاه الله الغيث وأسقاه.

ومنه أيضًا قول الشاعر:

أما ابن طوق فقد أوفى بذمَّته ... كما وفى بخلاص النجم حاديها

فجمع بين الفعلين "وفى" المجرد و"أوفى" المزيد، وهما بمعنًى واحد، يقال: وفى بعهده وأوفى بمعنًى.

ومنه قول الشاعر:

وأشرب الماء ما بي نحوه عطش ... إلا لأن عيونه سيل واديها

فأشبع الهاء من قوله نحوه لأنها تتولَّد عن الضمة فيُنطق بها لفظًا ولا ترسم في الخط، وأسكن الهاء من قوله: عيونه، والإشباع والإسكان لغتان اجتمعتَا في كلام فصيح، والإشباع أفصح اللغتين.

وزعم الزجاج أن هناك لغة ثالثة وهي ضم الهاء من غير إشباع، وزعم أن من هذه اللغة قول الشاعر:

له زجل كأنه صوت حاد ... إذا طلب الوثيقة أو زمير

فالهاء من قوله: "له" مشبعة على اللغة الفصحى، والهاء من قوله: "كأنه" مضمومة من غير إشباع، وليس ضمها من غير إشباع لغة ثالثة، كما زعم الزجاج، بل هو ضرورة من الضرائر التي تسوغ للشاعر دون الناثر، وقد ذكر سيبويه هذا البيت في (الكتاب) في باب: ما يحتمل الشعر، واقتفى أثره ابن جني فذكر أنه ينبغي أن يكون ذلك ضرورة وصنعة لا مذهب ولغة؛ لضعفه في القياس، ووجه ضعفه أنه ليس على مذهب الوصل، ولا على مذهب الوقف.

<<  <   >  >>