للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فات، وما أقرب ما هو آت". لو لم نقف بالسكون لفات الغرض من السجع، إذ التاء من "مات وفات" تصير مفتوحةً، ومن "آت" تصير مكسورة منونة، وذلك حَسْب إجراء حركات الإعراب أو البناء على آخر الفواصل، وهذا الإجراء لا يحقق التزاوج بين الفواصل، فوجب الوقوف عليها وتسكين أعجازها. أما السجع باعتبار طول الفقر وقصرها، فهو يأتي على اختلاف أنواعه، وينقسم من حيث طول فقره وقصرها إلى قسمين: سجع قصير، وسجع طويل.

فالقصير: ما كان مؤلفًا من ألفاظ قليلة، إذ يبدأ بكلمتين وينتهي إلى تسع كلمات أو عشْر، كما في الآيات الكريمة: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} (المرسلات: ١، ٢) {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: ١ - ٥) من ذلك قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (النجم: ١ - ٣) وقوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} (القمر: ١ - ٣).

أما الطويل: هو ما كان مؤلفًا من ألفاظ طويلة وتتفاوت درجاته في الطول، إذ يبدأ من إحدى عشرة لفظةً وينتهي إلى عشرين فما فوقها، من ذلك قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} (هود: ٩، ١٠) وقوله -عز وجل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة: ١٢٨، ١٢٩)

<<  <   >  >>