للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبه مركب حسي، وقد انتزع من طرفين مركبين حسيين يعني: كسابقه، كذلك قد يأتي وجه الشبه المركب الحسي من طرفين مختلفين مثلًا قول الشاعر:

وكأن محمر الشقيق إذا تصعد أو تصوب ... أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد

شبه محمر الشقيق هو نوع من أنواع الزهور أتى بها النعمان في حديقته، وكان في خارج البلاد، واستقدمه حتى يزرع في مملكته محمر الشقيق، هذا هو المشبه، شبهه بأعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد، هذه هي صورة المشبه به.

نجد أن وجه الشبه -وهو الهيئة الحاصلة من اجتماع أشياء حمراء متحركة منصوبة على قائم أخضر، وهي موجودة طبعًا في كل من المشبه والمشبه به، نجدها مركب حسي، لكن هذه الصورة هي المركب الحسي والهيئة الحاصلة- انتزعت من طرفين مختلفين، المشبه مفرد وهو محمر الشقيق، والمشبه به من المركبات الخيالية، وهي الهيئة المكونة من أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد.

إذن نخلص من كل هذا إلى أن وجه الشبه المركب الحسي يأتي على صور متعددة، فقد ينتزع من طرفين مركبين، وقد ينتزع من طرفين مفردين، وقد ينتزع من طرفين مقيدين، وقد ينتزع من طرفين مركبين، وقد ينتزع من طرفين مختلفين.

نأتي إلى القسم الرابع من أقسام وجه الشبه: وهو المركب العقلي، وهو أن يكون وجه الشبه مركبًا عقليًّا مثل قول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (الجمعة: ٥)، فهنا شبهت الآية حال اليهود الذين حملوا التوراة، وحفظوها في صدورهم، ثم لم يعملوا بما

<<  <   >  >>