للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقديرِ فعلٍ. وذهب البصريون إلى أنه يرتفع بتقدير فعلٍ، والتقدير فيه في المثال السابق: إنْ أتاني زيدٌ أتاني، والفعلُ المظهَرُ تفسيرٌ لذلك المقدَّر. وحكي عن الأخفش أنه يرتفع بالابتداء.

واحتجّ الكوفيون بقولهم: إنما جوَّزْنا تقديمَ المرفوع مع إنْ خاصةً وعملَهَا في فعل الشرط مع الفصل؛ لأنها الأصلُ في باب الجزاء دون غيرها من الأسماء والظروف التي يجازَى بها؛ لتضمنها معناها، والأصلُ يتصرَّف ما لا يتصرّف الفرع؛ فلقوتها جاز تقديمُ المرفوعِ معها، وقلنا: إنه يرتفع بالعائد؛ لأنّ المكنيَّ المرفوعَ في الفعل هو الاسمُ الأولُ؛ فينبغي أن يكون مرفوعًا به، كما قالوا: جاءني الظريفُ زيدٌ، وإذا كان مرفوعًا به لم يفتقر إلى تقدير فعل.

وأمّا المسألة الثانية: فهي المسألة الثانية بعد المائة في كتاب (الإنصاف)، وعنوانها: أيٌّ الموصولةُ معربةٌ دائمًا أو مبنيةٌ أحيانًا؟. وقد ذهب الكوفيون فيها إلى أنّ أيَّهم إذا كان بمعنى الذي وحُذف العائدُ من الصلة يكون معربًا، نحو قولهم: لأكرمَنَّ أيَّهم أفضلُ، وذهب البصريون إلى أنه يكون مبنيًّا على الضم. وقد احتج البصريون بأن قالوا: إنما قلنا: إنها مبنية ها هنا على الضم؛ لأنّ القياس يقتضي أن تكون مبنية في كل حال؛ لوقوعها موقعَ حرفِ الجزاء والاستفهام والاسم الموصول كما بُنيتْ: مَن، وما لذلك في كل حال. واعتمد الكوفيون في الاستدلال على ما ذهبوا إليه باستصحاب الحال، وقالوا في معرض ردّهم على البصريين: والذي يدل على فساد قول مَن ذهب إلى أنه مبنيٌّ على الضم، أنّ المفردَ من المبنيات إذا أُضيف أُعربَ، نحو: قبْلُ وبعْدُ، فصارت الإضافةُ توجِب إعرابَ الاسم، وأيٌّ إذا أُفردت أُعربتْ، فلو قلنا: إنها إذا أضيفت بُنيت، لكان هذا نقْضًا للأصول، وذلك محالٌ.

هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <   >  >>