للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" وكانت تردّد - كلما أكلت وشبعت -: اللهمّ كما أطعمتني، فأطعم كل فقير " (١).

وقال عنها: " كانت تصحبني إلى المسجد القريب لصلاة المغرب، فإذا قُضيت الصلاة، أصغيت معها من مقصورة النساء إلى مواعظ الملك داود، ذي الأسلوب المؤثر، حتى تنهض لصلاة العشاء ... فإذا أوينا إلى النوم، أخذت بذكر الله والاستغفار، ثم لا تدعني حتى تتحقق من نومي، فتتسلل لصلاة القيام.

ولطالما استيقظتُ على نشيجها أثناء ذلك، فإذا ما شعرتْ بي، عادتْ لتحنو عليّ.

واستمرّ هذا دأبها حتى توفّاها الله، وأنا في السادسة عشرة، فكان لوفاتها وقعٌ لا ينسى " (٢).

وأبوه كان صالحاً، يعمل في التجارة وتربية المواشي، وكان يتطلع إلى ولد صالح يرزقه الله إياه، فيتعلم علوم الدين والعربية، ويؤمّه في الصلاة، فرُزق محموداً، فوجّهه الوجهة التي يريد، فانطلق إلى مشايخ الموصل، يتعلم منهم القرآن والحديث واللغة العربية.

وهكذا نشأ الفتى في بيت علم وفضل ودين، يُتلى فيه القرآن في الأمساء والأصباح، وتقام فيه الصلوات، ويلتزم كلُّ مَنْ فيه بالدين الحنيف، ويتعاونون على البرّ والتقوى، ويضمّ في جنباته مكتبة عامرة بالكتب والمصادر المطبوعة والمخطوطة.


(١) الإسلام والنصر، ص ٨١.
(٢) محمد المجذوب، علماء ومفكرون عرفتهم: ١/ ٣٢٨.

<<  <   >  >>