للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلد حلَّ فيه، ونجح في مهمته أعظم النجاح ".

ووجد الكاتب تلازماً (بين التديُّن والقيادة) الحقيقية الفاعلة فيما حولها، وضرب على ذلك الأمثال في الفتح الإسلامي العظيم، وفي معركة حطين، ومعركة عين جالوت، وكان انتصار المسلمين في حطين بفضل قيادة البطل صلاح الدين الذي كانت العقيدة الإسلامية تملأ نفسه ومشاعره، وليس شيء آخر غيرها من أعراض الدنيا، حتى إنه لما توفي لم يخلّف مالاً ولا عقاراً، ولم يجدوا في خزائنه شيئاً من الذهب والفضة سوى دينار واحد وسبعة وأربعين درهماً.

وكان صلاح الدين الأيوبي يحمل - في أيام جهاده - صناديق مقفلة، كان يحرص عليها حرصاً عظيماً، فلمّا مات فتحوها، فوجدوا فيها: وصيّته، وكفنه الذي اشتراه من كدّه، وكميّة من التراب. وجاء في وصيته: " أُكفَّن بهذا الكفن الذي تعطّر بماء زمزم، وزار الكعبة المشرَّفة، وقبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا التراب هو من مخلّفات أيام الجهاد، يُصنع منه طابوق يوضع تحت رأسي في قبري ".

وصنعوا من ذلك التراب اثنتي عشرة طابوقة كبيرة تستقرُّ اليوم تحت رأس صلاح الدين في قبره، وسوف يلقى بها الله يوم القيامة.

وكان انتصار المسلمين في (عين جالوت) على التتار، عجباً من عجب، فقد كان التفاوت بين جيوش التتار الجرارة، وبين جيش المسلمين البسيط الذي يقوده قطز ومن معه من الأبطال المؤمنين، كبيراً وكبيراً جداً، ومع ذلك " كان النصر المؤزَّر خلافاً لكل مبادئ الحرب، وبعد هذه المعركة لم يفلح التتار أبداً، فقد تكبّدوا خسائر هائلة بالأرواح والأموال، فولَّوا مدبرين، وطمع فيهم الناس، وصاروا يتخطفونهم.

وقارن المؤلف بين جيش قطز، وجيش العباسيين الذي سحقه التتار

<<  <   >  >>