للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تلك مسرحية مخرجها الاستعمار، وهذا المخرج لا يريد أن يشاهد النظارة فعلاً ما يجري على خشبة المسرح.

هذا هو الأسلوب الخاص بالصراع الفكري في البلاد المستعمَرة، نرجو أن نعطي عنها صورة موجزة في هذه الصفحات.

...

طالما حلم إله الحرب أن يكون تحت تصرفه السلاح المطلق، الذي يعبر المسافات، ويتخطى حدود الأوطان، ولا يرد بأسه بأية وسيلة.

وقد تحقق هذا الحلم القديم، باستخدام الطاقة النووية وبإعداد الصاروخ العابر للقارات.

ولكن سرعان ما قلب هذا السلاح المطلق قضية الاستراتيجية في العالم رأساً على عقب: إنهم كانوا يقولون في عصر الحروب الكلاسيكية، إن ربع الساعة الأخير هو الذي يقرر مصير الحرب. أما الآن فينبغي أن نقول إن ربع الساعة الأول هو الذي يقرر مصيرها.

من هنا اتخذت الأشياء مغزى جديداً في المنطق الحربي، الذي سيطر على قادة السياسة الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى أن مستر دلاس لو كان صريحاً وجهر برأيه، حينما كان يعد إنشاء قاعدة حربية لبلاده في آسيا، لقال: إنه يريد في الحقيقة إنشاء مانعة صواعق، تجذب إليها صواعق ربع الساعة الأول في الحرب الذرية، بعيداً عن مواطن السكان ومراكز الإنتاج بأمريكا.

ولو صارحنا هكذا قادة السياسة الغربية، لفهمنا حينئذ الفهم الصحيح تلك العطايا من الدولارات، التي توزعها أمريكا على بعض الحكومات الإفريقية والآسيوية، مقابل إنشاء مانعات صواعق في بلادها: إنها بلاد معدة بتلك العطايا لتصبح الهدف للمدفعية الذرية حينما تندلع الحرب.

<<  <   >  >>