للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: صلة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأقاربه وعشيرته، وكذلك المسلمون من بني هاشم، كانت حسنة، فتعاطفوا معهم ونصروهم، مع أنهم ليسوا على دينهم، ويمكن للداعية أن يحسِن علاقته مع عشيرته دون أن يخالف شرع الله وحكمه، ويستفيد من حسن الصلة بهم في خدمة دعوته، ونشر فكرته، وتوفير الحماية له من أعدائه.

خامسًا: إن وسيلة الضغط على هؤلاء المسلمين، بقيادة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعلى المتعاطفين معهم -كانت مؤلمة، إنها المقاطعة العامة في البيع والأخذ والعطاء، حتى جاعوا جوعًا شديدًا فأكلوا ورق الشجر على قِلته، وتقرحت أشداقهم، إلا أن الثبات والصبر على المبدأ، وقوة إيمان المسلمين ثبتتهم أمام هذه المقاطعة العامة، حتى كان الرجل يعود إلى أطفاله ليس في يده شيء يطعمهم إياه، فترتفع عقيرتهم بكاء من شدة الجوع الذي يعانون منه.

سادسًا: لقد سخّر الله -تبارك وتعالى- من الكافرين من يقف بجانب المسلمين، ويتعاطف معهم من أقاربهم ومن غير أقاربهم، ويقدّم لهم يد العون والمساعدة سرًّا، فكان هشام بن عمرو يأتي بالبعير إلى الشِّعب ليلًا، وقد حمله طعامًا وتارة ثيابًا، ويدفعه إلى المحاصرين المقاطعين.

سابعًا: قيام الحجج الدامغة والبراهين الساطعة والمعجزات الخارقة، لا يؤثر في أصحاب الهوى وعبدة المصالح والمنافع؛ لأنهم يلغون عقولهم، ويغلقون قلوبهم وعقولهم عن التدبير، ويصمون آذانهم عن سماع الحق، ويغمضون أعينهم عن النظر والتأمل والاهتداء إلى الحق، بعد قيام الأدلة عليهم.

فلقد أخبرهم أبو طالب بما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما حدث للصحيفة من أكل الأرضة لها، وبقاء اسم الله فقط: باسمك اللهم، ورأوا ذلك بأم أعينهم، فما آمن منهم أحد؛ إنه الهوى الذي يصد عن اتباع الحق، ويصم الآذان عن سماعه.

<<  <   >  >>