للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبدءوا يفكّرون في القضاء على هذا الخطر المحتمل المتمثّل في تهديد تجارتهم، وتنامِي قوة الإسلام الذي وقفوا أمامه طوال ثلاث عشرة سنة.

وفي يوم الخميس السادس والعشرين من شهر صفر، السنة الرابعة عشرة من النبوة، الموافق للثاني عشر من سبتمبر عام ستمائة واثنين وعشرين لميلاد المسيح -عليه السلام، بعد شهرين ونصف تقريبًا من بيعة العقبة الكبرى، عقد زعماء قريش اجتماعًا خطيرًا في دار الندوة؛ ليتشاوروا في أنجح الوسائل للتخلُّص من الرسول -صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال: ٣٠).

وقد أجمل القرآن الكريم في هذه الآية الآراء التي طُرِحَت في هذا الاجتماع الخطير.

وفي رواية عن ابن عباس: ٍ أنّهم عندما اجتمعوا في دار الندوة للتشاور في أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم، جاءهم إبليس على هيئة شيخ جليل من أهل نجد، فقالوا: من الشيخ؟ قال: من أهل نجد، سمع بالذي اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى ألّا يعدمكم رأيًا ونصحًا، وعندما دارت المناقشات اقترح أحد المؤتمرين أن يحبسوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه -كما تقولون- ليخرجن أمره من وراء الباب، هذا الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه، ثم يكاثروكم به، حتى يغلبوكم على أمركم.

ثم اقترح أحدهم أن ينفوه، فدحض النجدي الاقتراح، مبينًا حسن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ومنطقه، وأسره القلوب، سيجذب الناس إليه، ويغلب بهم قريشًا، وأخيرًا اقترح أبو جهل أن يأخذوا من كل قبيلة فتى شابًّا فتيًّا وسطًا

<<  <   >  >>