للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما كان معاوية وكان مروان أمير المدينة من جهته، وبدأ بالخطبة قبل صلاة العيد، ورأى الغيورون على الإسلام أن عليهم واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- واجب الاتباع، وأن عليهم أن ينبهوا الأمير ليعود إلى السنة، من هؤلاء الغيورين أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري، قام إلى مروان وهو يتهيأ للصعود على المنبر، فقال له: "عليك بالصلاة قبل الخطبة؛ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يعبأ به مروان، وقال له: قد تُرك هذا الوضع، فجذب أبو سعيد الخدري مروان من ثوبه ليمنعه من ارتقاء المنبر، فجذبه مروان فارتقى، فقال أبو سعيد: غيرتم والله سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقال له مروان: قد ذهب ما تعلم.

قال أبو سعيد: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، وخطب مروان ثم صلى ثم قال لأبي سعيد: إن الناس لم يعودوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلت الخطبة قبل الصلاة للمحافظة على سماعها. قال أبو سعيد: أما أبو مسعود فقد أدى ما عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أديت ما عليّ، وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من رأى أو علم منكم منكرًا فليغيره وليزله بيده، فإن لم يستطع الإزالة باليد فليطلب إزالته وليهاجمه بلسانه، فإن لم يستطع استخدام لسانه فلينكره بقلبه، ومن لم يَكره المنكر ويغضب له في نفسه ويمنعه في دخيلته، ويغار على أمور إيمانه، من لم يفعل ذلك فليس بمؤمن؛ لأن ذلك أضعف الإيمان)) ".

مذهب العلماء كافة: أن خطبة العيد بعد الصلاة. قال القاضي عياض: "هذا هو المتفق عليه من مذاهب علماء الأمصار وأئمة الفتوى، ولا خلاف بين أئمتهم فيه، وهو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين بعده، والجمهور على أن مروان أول من قدم الخطبة على صلاة العيد، والحديث الذي معنا نص في هذا، وقيل: إن

<<  <   >  >>