للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعوة القرآن المشركين للإيمان

والذي يدقق النظر في المحاور التي تدور عليها الآيات في مناقشة مشركي مكة، يرى أنهما محوران اثنان: محور التوحيد ومحور البعث بعد الموت، فما جادل مشركون في شيء مما دُعوا إلى الإيمان به كما جادلوا في التوحيد والبعث بعد الموت؛ أما التوحيد فقد كانوا ألفوا تعدّد الآلهة، فلما قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: {اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (الأعراف: ٥٩) قالوا: {أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُون} (الصافات: ٣٦)، ولما قال لهم: إنكم إلى الله راجعون، قالوا: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيد} (ق: ٣)، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} (سبأ: ٧، ٨) لذلك كانت دعوة الكريم لمشركي مكة مركزة على الإيمان بالله واليوم الآخر.

ومن الآيات التي عابَت على المشركين شركهم ودَعَتهم إلى التوحيد وعابت عليهم إنكارهم للبعث بعد الموت، وذكّرتهم بالأدلة البراهين الدالة على ذلك قول ربنا -سبحانه وتعالى-: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ * وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ * أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ * جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ

<<  <   >  >>