للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين أن يُعْلِموا من خافوا غدرهم وخيانتهم أن المعاهدة قد انتهت، وأن زمن السلم قد انتهى وقد بدأ زمن الحرب.

ثانيًا: كان من شروط معاهدة الحديبية بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين مشركي قريش أن من يأتي من قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلمًا يردُّه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يؤيه، وبعد الفراغ من كتابة المعاهدة جاء مجندل من قريش مسلمًا معلنًا إسلامه يستصرخ المسلمين أن يؤوه ويحموه من قريش، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنا عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا، وإنا لا نغدر بهم)).

ثالثًا: قال الفقهاء: لا يجوز للمسلم أن يخون أهل دار الحرب إذا دخل ديارهم بأمان منهم؛ لأن خيانتهم غدر ولا يصلح في دين الإسلام الغدر.

رابعًا: قال فقهاء الحنابلة: إذا أطلق الكفار الأسير المسلم واستحلفوه أن يبعث إليهم بفدائه أو يعود إليهم لزمه الوفاء، لقوله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} (النحل: ٩١) ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنا لا يصلح في ديننا الغدر)).

خامسًا: إذا كانت دار الحرب تأخذ من رعايا الإسلام الداخلين إلى إقليمها ضريبة على أموالهم التي معهم؛ بحيث تستأصل هذه الأموال أو تأخذ من أموالهم القليلة ضريبة كبيرة لا تتناسب مع أموالهم- فإن دار الإسلام لا تقابلهم بالمثل، ويعلل الفقهاء قولهم هذا بأن فعل أهل دار الحرب غدر وظلم، فلا نقابلهم بالغدر والظلم؛ لأننا نهينا على التخلق بمثل هذه الأخلاق وإن تخلقوا هم بها، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لتهتدي لولا أن هدانا الله.

والخصيصة الثالثة لنظام الأخلاق في الإسلام: أن الالتزام بمقتضى الأخلاق مطلوب في الوسائل والغايات، فلا يجوز الوصول إلى الغاية الشريفة بالوسيلة

<<  <   >  >>