للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَيضاً: مَا أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَهَذَا قَدْ يُتَكَلَّمُ بِهِ بِغَيْرِ حَرْف جَحْدٍ. وفلانٌ يُوامِئُ فُلَانًا كيُوائِمُه، إِما لُغَةٌ فِيهِ، أَو مَقْلُوبٌ عَنْهُ، مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وأَنشد ابْنُ شُمَيْلٍ:

قد أَحْذَرُ مَا أَرَى، ... فأَنَا، الغَداةَ، مُوامِئُهْ «١»

قَالَ النَّضْرُ: زَعم أَبو الخَطَّابِ مُوامِئُه مُعايِنُه. وَقَالَ الفرَّاءُ «٢»: اسْتَولَى عَلَى الأَمْرِ واسْتَوْمَى إِذَا غَلَب عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: وَمَى بِالشَّيْءِ إِذَا ذَهَب بِهِ. وَيُقَالُ: ذَهَب الشيءُ فَلَا أَدْرِي مَا كانَتْ وامِئَتُه، وَمَا أَلْمَأَ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ تعالى أَعلم.

[فصل الياء]

يَأْيَأَ: يَأْيَأْتُ الرِّجلَ يَأْيَأَةً ويَأْياءً: أَظْهَرْتُ إلطافَه. وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ بَأْبَأَ؛ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ تقدَّم. ويَأْيَأَ بالإِبلِ إِذَا قَالَ لَهَا أَيْ ليُسَكِّنَها، مَقْلُوبٌ مِنْهُ. ويَأْيَأَ بالقَوْمِ دعَاهُم. واليُؤْيُؤُ طائرٌ يُشبِهُ الباشَقَ مِن الجَوارِحِ والجمع اليَآيِئُ، وجاءَ فِي الشِّعْرِ اليَآئِي. قال الحسن ابن هَانِئٍ فِي طَرْدِيَّاتِه:

قَدْ أَغْتَدِي، والليلُ فِي دُجاهُ، ... كَطُرَّة البُرْدِ عَلى مَثْناهُ

بِيُؤْيُؤٍ، يُعجِبُ مَنْ رَآهُ، ... مَا فِي اليَآئِي يُؤْيُؤٌ شَرْواهُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كأَنَّ قياسَهُ عنده اليَآيِئُ، إِلَّا أَنَّ الشاعرَ قَدَّمَ الْهَمْزَةَ عَلَى الياءِ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ هَذَا البيتُ لبعضِ العَرَب، فادَّعاه أَبو نُواسٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَكْرَمٍ: مَا أَعْلَمُ مُسْتَنَدَ الشيخِ أَبي مُحَمَّدِ بْنِ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَانِئٍ، فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، فادَّعاه أَبو نُوَاسٍ. وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتُشْهِدَ بشِعره، لَا يُخْفَى عَنِ الشَّيْخِ أَبي مُحَمَّدٍ، وَلَا غَيْرِهِ، مكانَتُه مِن العِلم والنَّظْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ البَدِيع الغَريبِ الحَسَنِ العَجِيبِ إِلَّا أَرْجُوزَتُه الَّتِي هِيَ:

وبَلْدةٍ فِيهَا زَوَرْ

لكانَ فِي ذَلِكَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى نُبْلِه وفَضْلِه. وَقَدْ شَرَحَها ابْنُ جِنِّي رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ، فِي شَرْحِهَا، مِنْ تَقْرِيظِ أَبي نُواس وتَفْضِيله ووَصْفِه بمَعْرِفةِ لُغات الْعَرَبِ وأَيَّامِها ومآثِرِها ومَثالِبِها ووقائعِها، وَتَفَرُّدِهِ بِفُنُونِ الشَّعْرِ الْعَشْرَةِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى فُنُونِهِ، مَا لَمْ يَقُلْه فِي غيرِه. وَقَالَ فِي هَذَا الشَّرْحِ أَيضاً: لَوْلَا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنَ الهَزْل لاسْتُشْهِدَ بِكَلَامِهِ فِي التَّفْسِيرِ، اللَّهُمَّ إِلَّا إِنْ كَانَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدٍ قَالَ ذَلِكَ لِيَبْعَثَ عَلَى زِيادةِ الأُنس بالاسْتِشْهاد بِهِ، إِذَا وَقع الشكُّ فِيهِ أَنه لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وأَبو نُواسٍ كَانَ فِي نَفْسِهِ وأَنْفُسِ الناسِ أَرْفَعَ مِنْ ذَلِكَ وأَصْلَفَ. أَبو عَمْرٍو: اليُؤْيُؤُ: رأْسُ المُكْحُلةِ.

يَرْنَأَ: اليَرَنَّأُ «٣» واليُرَنَّاءُ: مِثْلَ الحِنَّاء، قال دُكَيْنُ


(١). قوله [قد أحذر إلخ] كذا بالنسخ ولا ريب أنه مكسور ولعله:
قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُ مَا أرى.
(٢). قوله [وقال الفراء إلخ] ليس هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدِ أعاد المؤلف ذكره في المعتل.
(٣). قوله [اليَرَنَّأُ إلخ] عبارة القاموس اليرنأ بضم الياء وفتحها مقصورة مشدّدة النون واليرناء بالضم والمد فيستفاد منه لغة ثالثة ويستفاد من آخر المادة هنا رابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>