للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَشَمُّ عِطْفِي، ويَبُزُّ ثَوْبي، ... كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنَّ رَابَنِي بِمَعْنَى شَكَّكَني وأَوْجَبَ عِنْدِي رِيبةً؛ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:

قَدْ رابَني مِنْ دَلْوِيَ اضْطرابُها

وأَمّا أَراب، فإِنه قَدْ يأْتي مُتَعَدِّياً وَغَيْرَ مُتَعَدٍّ، فَمَنْ عَدَّاه جَعَلَهُ بِمَعْنَى رابَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ خَالِدٍ:

كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ

وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الطِّيبِ:

أَتَدرِي مَا أَرابَكَ مَنْ يُرِيبُ

وَيُرْوَى:

كأَنني قَدْ رِبْتُه بِرَيْبِ

فَيَكُونُ عَلَى هَذَا رابَني وأَرابَني بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وأَما أَرابَ الَّذِي لَا يَتَعَدَّى، فَمَعْنَاهُ: أَتى برِيبةٍ، كَمَا تَقُولُ: أَلامَ، إِذا أَتى بِمَا يُلامُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا يتوَجَّهُ الْبَيْتُ الْمَنْسُوبُ إِلى المُتَلمِّس، أَو إِلى بَشَّار بْنِ بُرْدٍ، وَهُوَ:

أَخُوكَ الَّذِي إِنْ رِبْتَه، قَالَ: إِنَّما ... أَرَبْتَ، وإِنْ لايَنْتَه، لانَ جانِبُهْ

وَالرِّوَايَةُ الصحيحةُ فِي هَذَا الْبَيْتِ: أَرَبْتُ، بِضَمِّ التاءِ؛ أَي أَخُوكَ الَّذِي إِنْ رِبْتَه برِيبةٍ، قَالَ: أَنا الَّذِي أَرَبْتُ أَي أَنا صاحِبُ الرِّيبَةِ، حَتَّى تُتَوَهَّمَ فِيهِ الرِّيبةُ، وَمَنْ رَوَاهُ أَرَبْتَ، بِفَتْحِ التاءِ، فإِنه زَعَمَ أَن رِبْتَه بِمَعْنَى أَوْجَبْتَ لَهُ الرِّيبةَ؛ فأَما أَرَبْتُ، بِالضَّمِّ، فَمَعْنَاهُ أَوْهَمْتُه الرِّيبةَ، وَلَمْ تَكُنْ واجِبةً مَقْطُوعاً بِهَا. قَالَ الأَصمعي: أَخبرني عِيسَى بْنُ عُمَرَ أَنه سَمِع هُذَيْلًا تَقُولُ: أَرابَني أَمْرُه؛ وأَرابَ الأَمْرُ: صَارَ ذَا رَيْبٍ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ

؛ أَي ذِي رَيْبٍ. وأَمْرٌ رَيَّابٌ: مُفْزِعٌ. وارْتابَ بِهِ: اتَّهَمَ. والرَّيْبُ: الحاجةُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ الأَنصاريّ:

قَضَيْنا مِنْ تِهامةَ كُلَّ رَيْبٍ، ... وخَيْبَرَ، ثُمَّ أَجْمَمْنا السُّيُوفا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ اليَهُودَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بعضُهم: سَلُوه، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا رَابُكُمْ إِليه؟

أَي مَا إِرْبُكُم وحاجَتُكم إِلى سُؤَالِه؟ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا رابُكَ إِلى قَطْعِها؟

قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا يَرْوُونه، يَعْنِي بِضَمِّ الباءِ، وإِنما وَجْهُه: مَا إِرْبُكَ؟ أَي مَا حاجَتُكَ؟ قَالَ أَبو مُوسَى: يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ الصوابُ مَا رابَكَ؟ بِفَتْحِ الباءِ، أَي مَا أَقْلَقَكَ وأَلجأَكَ إِليه؟ قَالَ: وَهَكَذَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ. والرَّيْبُ: اسْمُ رَجُل. والرَّيبُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

فَسارَ بِه، حَتَّى أَتى بَيْتَ أُمِّه، ... مُقِيماً بأَعْلى الرَّيْبِ، عِنْدَ الأَفاكِلِ

[فصل الزاي المعجمة]

زأب: زأَبَ القِرْبةَ، يَزْأَبُها زَأْباً، وازْدَأَبها: حَمَلَها، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا سَرِيعاً. والازْدِئابُ: الاحْتِمالُ. وكلُّ مَا حَمَلْتَه بِمَرَّةٍ، شِبْهَ الاحْتِضانِ، فَقَدْ زَأَبْتَه. وزَأَبَ الرَّجُلُ وازْدَأَبَ إِذا حَمَل مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>