للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتفرقون إِلا عَنْ عِلْمٍ وأَدب يَتعلَّمونه، يَقوم لأَنفسهم وأَرواحهم مَقام الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لأَجسامهم. وَيُقَالُ: ذُقْ هَذِهِ القوس أَي انْزَعْ فيها لتَخْبُر لِينها مِنْ شِدَّتِهَا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

فَذَاقَ فأَعْطَتْه مِنَ اللِّينِ جانِباً، ... كَفَى ولَها أَن يُغْرِقَ النَّبْل حاجِزُ «١»

. أَي لَهَا حَاجِزٌ يَمنع مِنْ إِغراقٍ أَي فِيهَا لِينٌ وَشِدَّةٌ؛ وَمِثْلُهُ:

فِي كَفِّه مُعْطِيةٌ مَنُوع

وَمِثْلُهُ:

شِرْيانة تَمْنَعُ بعدَ اللِّينِ

وذُقْتُ القوسَ إِذا جذَبْت وترَها لِتَنْظُرَ مَا شَدَّتُهَا. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: فَذُوقُوا الْعَذابَ*

، قَالَ: الذَّوْق يَكُونُ بِالْفَمِ وَبِغَيْرِ الْفَمِ. وَقَالَ أَبو حَمْزَةَ: يُقَالُ أَذاق فُلَانٌ بَعْدَكَ سَرْواً أَي صَارَ سَرِيّاً، وأَذاقَ بعدَك كَرَماً، وأَذاق الفرَسُ بَعْدَكَ عَدْواً أَي صَارَ عَدّاء بَعْدَكَ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها

، أَي خبَرت؛ وأَذاقَه اللهُ وَبَالَ أَمره؛ قَالَ طُفَيْلٌ:

فذوقُوا كَمَا ذُقْنا غَداةَ مُحَجِّرٍ ... مِنَ الغَيْظِ، فِي أكْبادِنا، والتَّحَوُّبِ «٢»

. وذاقَ الرَّجُلُ عُسَيْلَةَ المرأَة إِذا أَوْلَج فيها إِذاقةً حَتَّى خَبر طِيب جِماعها، وذاقَت هِيَ عُسَيْلَته كَذَلِكَ لَمَّا خالَطها. وَرَجُلٌ ذَوّاق مِطْلاق إِذا كَانَ كَثِيرَ النِّكَاحِ كَثِيرَ الطَّلَاقِ. ويومٌ مَا ذُقْته طَعَامًا أَي مَا ذُقْتُ فِيهِ، وذاقَ الْعَذَابَ وَالْمَكْرُوهَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ مثَل: وَفِي التَّنْزِيلِ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ

. وَفِي حَدِيثِ أُحُد:

أَن أَبا سُفْيَانَ لَمَّا رأَى حَمْزَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مقْتولًا قَالَ لَهُ: ذُقْ عُقَقُ

أَي ذُقْ طعْمَ مُخالَفَتِك لَنَا وتَرْكِكَ دِينَك الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ يَا عاقَّ قَوْمِهِ؛ جَعَلَ إِسلامَه عُقوقاً، وَهَذَا مِنَ الْمَجَازِ أَن يُسْتَعْمَلَ الذَّوْق وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بالأَجسام فِي الْمَعَانِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ

، وقوله: فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ

. وأَذَقْته إِياه، وتَذاوقَ القومُ الشَّيْءَ كذاقُوه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:

يَهْزُزْنَ للمَشْيِ أَوْصالًا مُنعَّمةً، ... هَزَّ الشَّمالِ ضُحًى عَيْدانَ يَبْرِينا

أَو كاهْتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَذاوَقَه ... أَيدي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا «٣»

. والمعروفُ تَدَاوُلُهُ. وَيُقَالُ: مَا ذُقت ذَواقاً أَي شَيْئًا، وَهُوَ مَا يُذاق من الطعام.

[فصل الراء]

ربق: اللَّيْثُ: الرِّبْقُ الخَيْط، الْوَاحِدَةُ رِبْقة. ابْنُ سِيدَهْ: الرِّبْقةُ والرَّبْقةُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، والرِّبْقُ، بِالْكَسْرِ، كُلُّ ذَلِكَ: الحبْلُ والحَلْقةُ تُشَدُّ بِهَا الْغَنَمُ الصِّغَارُ لِئَلَّا تَرْضَع، وَالْجَمْعُ أَرْباقٌ ورِباقٌ ورِبَقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَكُمُ العَهْدُ «٤» مَا لَمْ تأْكُلوا الرِّباقَ

؛ شبَّه مَا يَلزم الأَعناقَ مِنَ العَهْدِ بالرِّباق وَاسْتَعَارَ الأَكل لنقْض الْعَهْدِ، فإِن الْبَهِيمَةَ إِذا أَكلت الرِّبق خلَصت مِنَ الشَّدّ. وَفِي حَدِيثِ

عُمر:


(١). قوله [كفى ولها إلخ] كذا بالأَصل والذي في الأَساس:
لها ولها أن يغرق السهم حاجز
(٢). قوله [محجر] قال الأَصمعي بِكَسْرِ الْجِيمِ وَغَيْرُهُ يَفْتَحُ
(٣). قوله [التجار] في الأَساس: الكماة
(٤). قوله [لكم العهد] هو كذلك في الصحاح، والذي في النهاية: لكم الوفاء بالعهد

<<  <  ج: ص:  >  >>