للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَكُونُ أَفْعَلَ مِنْ دامَ يَدُومُ فَلَا يُصْرَفُ كَمَا لَا يُصْرَفُ أَخْزَمُ وأَحمر، وأَصله عَلَى هَذَا أَدْوَم، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ د م ي، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَاللَّهُ أَعلم.

دَيَمَ: الديمةُ: الْمَطَرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رَعْد وَلَا بَرْقٌ، أَقله ثُلْثُ النَّهَارِ أَو ثُلْثُ اللَّيْلِ، وأَكثره مَا بَلَغَ مِنَ العِدَّة، وَالْجَمْعُ دِيَمٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

باتَتْ وأَسْبَلَ والِفٌ من دَيمَةٍ ... تَرْوي الخَمائِلَ، دَائِمًا تَسْجامُها

ثُمَّ يُشَبَّه بِهِ غَيْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَسُئِلَتْ عَنِ عَمَلِ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِبَادَتِهِ فَقَالَتْ: كَانَ عملُه دِيمةً

؛ الدِّيمةُ الْمَطَرُ الدَّائِمُ فِي سُكُونٍ، شَبَّهَتْ عَمَلَهُ فِي دَوَامِهِ مَعَ الِاقْتِصَادِ بِدِيمَةِ الْمَطَرِ الدَّائِمِ، قَالَ: وأَصله الْوَاوُ فَانْقَلَبَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا. وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ: وَذَكَرَ الْفِتَنَ فَقَالَ إِنها لآتِيَتُكُم دِيَماً دِيَماً

أَي أَنها تملأُ الأَرض فِي دَوامٍ، ودِيَمٌ جَمْعُ دِيمَةِ الْمَطَرُ، وَقَدْ دَيَّمَت السماءُ تَدْيِيماً؛ قَالَ جَهْم بْنُ سَبَلٍ يَمْدَحُ رَجُلًا بالسَّخاء:

أَنا الجَواد ابْنُ الجَواد ابْنِ سَبَلْ، ... إِن دَيَّمُوا جادَ، وإِن جَادُوا وَبَل «٢»

. والدَّيامِيمُ: المفاوِزُ. وَمَفَازَةٌ دَيْمومَةٌ أَي دَائِمَةُ الْبُعْدِ. وَفِي حَدِيثِ

جُهَيْشِ بْنِ أَوْس: ودَيْمومَةٍ سَرْدَحٍ

؛ هِيَ الصَّحْرَاءُ الْبَعِيدَةُ، وَهِيَ فَعْلُولة مِنَ الدَّوامِ، أَي بَعِيدَةُ الأَرْجاء يَدُومُ السَّيْرُ فِيهَا، وَيَاؤُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَقِيلَ: هِيَ فَيْعُولة مِنْ دَمَمْتُ الْقِدْرَ إِذا طَلَيْتُهَا بِالرَّمَادِ أَي أَنها مُشْتَبِهَةٌ لَا عَلَمَ بِهَا لِسَالِكِهَا. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ: مَا زَالَتِ السَّمَاءُ دَيْماً دَيْماً أَي دَائِمَةَ الْمَطَرِ، قَالَ: وأَراها مُعَاقِبَةً لِمَكَانِ الْخِفَّةِ، فإِذا كَانَ هَذَا لَمْ يُعْتَدّ بِهِ فِي الْيَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ: دامَتِ السَّمَاءُ تَديمُ مَطَرَتْ دِيمةً، فإِن صَحَّ هَذَا الْفِعْلُ اعْتُدَّ بِهِ فِي الْيَاءِ. وأَرض مَديمةٌ ومُدَيَّمةٌ: أَصابتها الدِّيمةُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي دَوَمَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

رَبيبةُ رَمْلٍ دافعَتْ فِي حُقوفِهِ ... رَخاخَ الثَّرى، والأُقحُوانَ المُدَيَّما

وَقَالَ كُرَاعٌ: اسْتَدامَ الرَّجُلُ إِذا طأْطأَ رأْسه يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، مَقْلُوبٌ عن اسْتَدْمى.

[فصل الذال المعجمة]

ذأم: ذَأَمَ الرجلَ يَذْأَمُهُ ذَأْماً: حقَّره وذَمَّهُ وَعَابَهُ، وَقِيلَ: حَقَّرَهُ وَطَرَدَهُ، فَهُوَ مَذْؤُومٌ، كَذَأَبهُ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:

فإِن كُنْتَ لَا تَدْعُو إِلى غَيْرِ نافِعٍ ... فذَرْني، وأَكْرِمْ مِنْ بَدَا لَكَ واذْأَمِ

وذَأَمَهُ ذَأْماً: طَرَدَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً

؛ يكون مَعْنَاهُ مَذْمُومًا وَيَكُونُ مَطْرُودًا. وقال مجاهد: مَذْؤوماً مَنْفِيًّا، ومَدْحوراً مَطْرُودًا. وذأَمَه ذَأْماً: أَخزاه. والذَّأْمُ: الْعَيْبُ، يُهْمَزُ وَلَا يَهْمَزُ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ لليَهُود عَلَيْكُمُ السامُ


(٢). قوله [أَنا الْجَوَادُ ابْنُ الْجَوَادِ إِلخ] قد تقدم في المادة قبل هذه هو الجواد. وكذلك الجوهري أَورده في مادة سبل وقال: إِن سبلًا فيه اسم فرس، وقد تقدم للمؤلف هناك عن ابن بري أَن الشِّعْرُ لِجَهْمِ بْنِ سَبَلَ وأَن أَبا زياد الكلابي أَدركه يُرْعَدُ رأْسه وَهُوَ يَقُولُ: أَنا الجواد إِلخ انتهى. فظهر من هذا أَن سبلًا ليس اسم فرس بل اسم لوالد جهم القائل هذا الشعر يمدح به نفسه لا رجلًا آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>