للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُ، فإِنه قَدْ ثَبَتَ إِذنه فِيهَا، أَن الإِذْنَ، فِي الْكِتَابَةِ، نَاسِخٌ لِلْمَنْعِ مِنْهَا بِالْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وبإِجماع الأُمة عَلَى جَوَازِهَا؛ وَقِيلَ: إِنما نَهى أَن يُكْتَبَ الْحَدِيثُ مَعَ الْقُرْآنِ فِي صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ، والأَوَّل الْوَجْهُ. وَحَكَى الأَصمعي عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ العَلاء: أَنه سَمِعَ بعضَ العَرَب يَقُولُ، وذَكَر إِنساناً فَقَالَ: فلانٌ لَغُوبٌ، جاءَتْهُ كتَابي فاحْتَقَرَها، فقلتُ لَهُ: أَتَقُولُ جاءَته كِتابي؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ أَليس بِصَحِيفَةٍ فقلتُ لَهُ: مَا اللَّغُوبُ؟ فَقَالَ: الأَحْمَقُ؛ وَالْجَمْعُ كُتُبٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِمَّا اسْتَغْنَوْا فِيهِ ببناءِ أَكثرِ العَدَدِ عَنْ بِنَاءِ أَدْناه، فَقَالُوا: ثلاثةُ كُتُبٍ. والمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ، بِمَعْنًى. والكِتابُ، مُطْلَقٌ: التوراةُ؛ وَبِهِ

فَسَّرَ الزَّجَّاجُ قولَه تَعَالَى: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ

. وَقَوْلُهُ: كِتابَ اللَّهِ

؛ جَائِزٌ أَن يَكُونَ القرآنَ، وأَن يَكُونَ التوراةَ، لأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ نَبَذُوا التوراةَ.

وقولُه تَعَالَى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ. قِيلَ: الكِتابُ مَا أُثْبِتَ عَلَى بَنِي آدَمَ مِنَ أَعْمالهم. والكِتابُ: الصَّحِيفَةُ والدَّواةُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَقَدْ قُرِئَ وَلَمْ تَجدوا كِتاباً وكُتَّاباً وكاتِباً؛ فالكِتابُ مَا يُكْتَبُ فِيهِ؛ وَقِيلَ الصَّحِيفَةُ والدَّواةُ، وَأَمَّا الكاتِبُ والكُتَّاب فمعروفانِ. وكَتَّبَ الرجلَ وأَكْتَبَه إِكْتاباً: عَلَّمَه الكِتابَ. وَرَجُلٌ مُكْتِبٌ: لَهُ أَجْزاءٌ تُكْتَبُ مِنْ عِنْدِهِ. والمُكْتِبُ: المُعَلِّمُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ المُكَتِّبُ الَّذِي يُعَلِّم الكتابَة. قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْحَجَّاجُ مُكْتِباً بِالطَّائِفِ، يَعْنِي مُعَلِّماً؛ وَمِنْهُ قِيلَ: عُبَيْدٌ المُكْتِبُ، لأَنه كَانَ مُعَلِّماً. والمَكْتَبُ: مَوْضِعُ الكُتَّابِ. والمَكْتَبُ والكُتَّابُ: مَوْضِعُ تَعْلِيم الكُتَّابِ، وَالْجَمْعُ الكَتَاتِيبُ والمَكاتِبُ. المُبَرِّدُ: المَكْتَبُ مَوْضِعُ التَّعْلِيمِ، والمُكْتِبُ المُعَلِّم، والكُتَّابُ الصِّبيان؛ قَالَ: وَمَنْ جَعَلَ الموضعَ الكُتَّابَ، فَقَدْ أَخْطأَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِصِبْيَانِ المَكْتَبِ الفُرْقانُ أَيضاً. ورجلٌ كاتِبٌ، وَالْجَمْعُ كُتَّابٌ وكَتَبة، وحِرْفَتُه الكِتابَةُ. والكُتَّابُ: الكَتَبة. ابْنُ الأَعرابي: الكاتِبُ عِنْدَهم الْعَالِمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ؟ *

وَفِي كِتَابِهِ إِلى أَهل الْيَمَنِ:

قَدْ بَعَثْتُ إِليكم كاتِباً مِنْ أَصحابي

؛ أَراد عَالِمًا، سُمِّي بِهِ لأَن الغالبَ عَلَى مَنْ كَانَ يَعْرِفُ الكتابةَ، أَن عِنْدَهُ الْعِلْمَ وَالْمَعْرِفَةَ، وَكَانَ الكاتِبُ عِنْدَهُمْ عَزِيزًا، وَفِيهِمْ قَلِيلًا. والكِتابُ: الفَرْضُ والحُكْمُ والقَدَرُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:

يَا ابْنَةَ عَمِّي كِتابُ اللهِ أَخْرَجَني ... عَنْكُمْ، وَهَلْ أَمْنَعَنَّ اللهَ مَا فَعَلا؟

والكِتْبة: الحالةُ. والكِتْبةُ: الاكْتِتابُ فِي الفَرْضِ والرِّزْقِ. وَيُقَالُ: اكْتَتَبَ فلانٌ أَي كَتَبَ اسمَه فِي الفَرْض. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: مَنِ اكْتَتَبَ ضَمِناً، بعَثَه اللَّهُ ضَمِناً يَوْمِ الْقِيَامَةِ

، أَي مَنْ كَتَبَ اسْمَه فِي دِيوانِ الزَّمْنَى وَلَمْ يَكُنْ زَمِناً، يَعْنِي الرَّجُلَ مِنْ أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ لَهُ فِي الدِّيوانِ فَرْضٌ، فَلَمَّا نُدِبَ للخُروجِ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ، سأَل أَن يُكْتَبَ فِي الضَّمْنَى، وَهُمُ الزَّمْنَى، وَهُوَ صَحِيحٌ. والكِتابُ يُوضَع مَوْضِعَ الفَرْض. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى

. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ

؛ مَعْنَاهُ: فُرِضَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>