للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي حَدِيثِ

وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزة، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كنتُ إِذا رأَيته فِي الطَّرِيقِ تَقَصَّيْتها

أَي صِرْتُ فِي أَقْصاها وَهُوَ غَايَتُهَا. والقَصْوُ: الْبُعْدُ. والأَقْصى: الأَبعد؛ وَقَوْلُهُ:

واخْتَلَس الفَحْلُ مِنْهَا، وَهِيَ قاصِيةٌ، ... شَيْئًا فَقَدْ ضَمِنَتْه، وَهُوَ مَحْقُورُ

فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ قاصِيَة هُوَ أَن يَتْبَعَهَا الْفَحْلُ فَيَضْرِبَهَا فَتَلْقَح فِي أَوَّل كَوْمة فَجَعَلَ الكَوْم للإِبل، وإِنما هُوَ لِلْفَرَسِ. وقُصْوَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

نُبِّئْتُ غَسَّانَ بنَ واهِصَةِ الخُصَى ... بِقُصْوانَ، فِي مُسْتَكْلِئِينَ بِطانِ

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْفَحْلِ هُوَ يَحْبُو قَصا الإِبل إِذا حَفِظها مِنَ الِانْتِشَارِ. وَيُقَالُ: تَقَصَّاهم أَي طَلَبهم وَاحِدًا وَاحِدًا. وقُصَيٌّ، مُصَغَّرٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَالنِّسْبَةُ إِليه قُصَوِيّ بِحَذْفِ إِحدى الياءَين، وَتُقْلَبُ الأُخرى أَلفاً ثُمَّ تُقْلَبُ وَاوًا كَمَا قُلِبَتْ فِي عَدَوِيّ وأُمَوِيٍّ.

قضى: القَضاء: الْحُكْمُ، وأَصله قَضايٌ لأَنه مَنْ قَضَيْت، إِلا أَنَّ الْيَاءَ لَمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الأَلف هُمِزَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بَعْدَ الأَلف الزَّائِدَةِ طَرَفًا هُمِزَتْ، وَالْجَمْعُ الأَقْضِيةُ، والقَضِيَّةُ مِثْلُهُ، وَالْجَمْعُ القَضَايَا عَلَى فَعالَى وأَصله فَعائل. وقَضَى عَلَيْهِ يَقْضِي قَضَاء وقَضِيَّةً، الأَخيرة مَصْدَرٌ كالأُولى، وَالِاسْمُ القَضِيَّة فَقَطْ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَالَ أَهل الْحِجَازِ الْقَاضِي مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ القاطِع للأُمور المُحِكم لَهَا. واسْتُقْضِي فُلَانٌ أَي جُعِل قاضِياً يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ. وقَضَّى الأَميرُ قاضِياً: كَمَا تَقُولُ أَمرَ أَميراً. وَتَقُولُ: قَضى بَيْنَهُمْ قَضِيَّة وقَضايا. والقَضايا: الأَحكام، وَاحِدَتُهَا قَضِيَّةٌ. وَفِي صُلْحِ الحُدَيْبِيةِ:

هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ

، هُوَ فاعَلَ مِنَ القَضاء الفَصْلِ والحُكْم لأَنه كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهل مَكَّةَ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ القَضاء، وأَصله القَطْع وَالْفَصْلُ. يُقَالُ: قَضَى يَقْضِي قَضَاء فَهُوَ قاضٍ إِذا حَكَم وفَصَلَ. وقَضاء الشَّيْءِ: إِحْكامُه وإِمْضاؤُه وَالْفَرَاغُ مِنْهُ فَيَكُونُ بِمَعْنَى الخَلْق. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: القَضَاء فِي اللُّغَةِ عَلَى وُجُوهٍ مَرْجِعُهَا إِلى انْقِطَاعِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ. وكلُّ مَا أُحْكِم عَمَلُهُ أَو أُتِمَّ أَو خُتِمَ أَو أُدِّيَ أَداء أَو أُوجِبَ أَو أُعْلِمَ أَو أُنْفِذَ أَو أُمْضِيَ فَقَدْ قُضِيَ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا فِي الْحَدِيثِ، وَمِنْهُ القَضاء الْمَقْرُونُ بالقَدَر، وَالْمُرَادُ بالقَدَر التَّقْدِيرُ، وبالقَضاء الخَلق كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ

؛ أَي خَلَقَهُنَّ، فالقَضاء والقَدَرُ أَمران مُتَلازمان لَا يَنْفك أَحدهما عَنِ الْآخَرِ، لأَن أَحدهما بِمَنْزِلَةِ الأَساس وَهُوَ القَدر، وَالْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَهُوَ القَضاء، فَمَنْ رَامَ الفَصْل بَيْنَهُمَا فَقَدْ رَامَ هَدْمَ الْبِنَاءِ ونَقْضه. وقَضَى الشيءَ قَضاءً: صنَعه وقَدَّره؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ

؛ أَي فَخَلَقَهُنَّ وعَمِلهن وَصَنَعَهُنَّ وقطَعَهن وأَحكم خَلْقَهُنَّ، وَالْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْعَمَلِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الصُّنْعِ وَالتَّقْدِيرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ

؛ مَعْنَاهُ فَاعْمَلْ مَا أَنت عَامِلٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما ... داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ

قَالَ ابن السيرافي: قَضاهما فَرغ مِنْ عَمَلِهِمَا. وَالْقَضَاءُ: الحَتْم والأَمْرُ. وقَضَى أَي حَكَمَ، وَمِنْهُ القَضَاء والقَدر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ

؛ أَي أَمَر رَبُّكَ وحَتم، وَهُوَ أَمر قَاطِعٌ حَتْم. وَقَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ

؛ وَقَدْ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>