للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذِه لَقُلْتَ ذَيَّا فَالْتَبَسَ بِالْمُذَكَّرِ، فَصَغَرُوا مَا يُخَالِفُ فِيهِ الْمُؤَنَّثُ الْمُذَكَّرَ، قَالَ: والمُبْهَماتُ يُخالِف تَصْغِيرُها تَصْغيرَ سَائِرِ الأَسماء. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ؛ قَالَ: وقرأَ بَعْضُهُمْ

فذانِّكَ بُرْهَانَانِ

، قَالَ: وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ أَدخلوا التَّثْقِيلَ للتأْكيد كَمَا أَدخلوا اللَّامَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شدَّدوا هَذِهِ النُّونَ ليُفْرَقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النُّونِ الَّتِي تَسْقُطُ للإِضافة لأَن هَذانِ وهاتانِ لَا تُضَافَانَ؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هِيَ مِنْ لُغَةِ مَنْ قال هذا آقال ذَلِكَ، فَزَادُوا عَلَى الأَلف أَلفاً كَمَا زَادُوا عَلَى النُّونِ نُونًا ليُفْصَل بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الأَسماء الْمُتَمَكِّنَةِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اجْتَمَعَ القُراء عَلَى تَخْفِيفِ النُّونِ مَنْ ذانِكَ وكثيرٌ مِنَ الْعَرَبِ فَيَقُولُ فذانِك قائمانِ وهذانِ قائمانِ وَاللَّذَانِ قَالَا ذَلِكَ، وَقَالَ أَبو إِسحاق: فَذَانِكَ تَثْنِيَةُ ذَاكَ وذانِّك تَثْنِيَةُ ذَلِكَ، يَكُونُ بدلَ اللامِ فِي ذَلِكَ تشديدُ النُّونِ فِي ذانِّك. وَقَالَ أَبو إِسحاق: الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ ذَا وَالْكَافُ زِيدَت لِلْمُخَاطَبَةِ فَلَا حَظَّ لَهَا فِي الإِعراب. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَوْ كَانَ لَهَا حَظٌّ فِي الإِعراب لَقُلْتَ ذَلِكَ نَفْسِكَ زَيْدُ، وَهَذَا خَطَأٌ. وَلَا يَجُوزُ إِلَّا ذلكَ نَفْسُه زَيْدٌ، وَكَذَلِكَ ذَانِكَ يَشْهَدُ أَن الْكَافَ لَا مَوْضِعَ لَهَا وَلَوْ كَانَ لَهَا مَوْضِعٌ لَكَانَ جَرًّا بالإِضافة، وَالنُّونُ لَا تَدْخُلُ مَعَ الإِضافة واللامُ زِيدَتْ مَعَ ذَلِكَ لِلتَّوْكِيدِ، تَقُولُ: ذلِك الحَقُّ وهَذاكَ الحَقُّ، وَيَقْبُحُ هذالِكَ الحَقُّ لأَن اللَّامَ قَدْ أَكَّدَت مَعَ الإِشارة وكُسِرت لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَعني الأَلف مِنْ ذَا، وَاللَّامُ الَّتِي بَعْدَهَا كَانَ يَنْبَغِي أَن تَكُونَ اللَّامُ سَاكِنَةً وَلَكِنَّهَا كُسِرَت لِما قُلنا، وَاللَّهُ أَعلم.

تَفْسِيرُ هَذَا

: قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ هَا وأَلا حَرْفَانِ يُفْتَتَحُ بِهِمَا الْكَلَامُ لَا مَعْنَى لَهُمَا إِلا افْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِهِمَا، تَقُولُ: هَذا أَخوك، فَهَا تَنبيهٌ وَذَا اسْمُ الْمُشَارِ إِليه وأَخُوك هُوَ الْخَبَرُ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَا تَنْبِيهٌ تَفتتح العَرَبُ الكلامَ بِهِ بِلَا مَعْنًى سِوى الِافْتِتَاحِ: هَا إِنَّ ذَا أَخُوك، وأَلا إِنَّ ذَا أَخُوك، قَالَ: وإِذا ثَنَّوُا الِاسْمَ الْمُبْهَمَ قَالُوا تانِ أُخْتاك وهاتانِ أُخْتاك فرجَعوا إِلى تَا، فَلَمَّا جَمَعُوا قَالُوا أُولاءِ إِخْوَتُك وأُولاءِ أَخَواتُك، وَلَمْ يَفْرُقوا بَيْنَ الأُنثى وَالذَّكَرِ بِعَلَامَةٍ، قَالَ: وأُولاء، مَمْدُودَةٌ مَقْصُورَةٌ، اسْمٌ لِجَمَاعَةِ ذَا وَذِهِ، ثُمَّ زَادُوا هَا مَعَ أُولاء فَقَالُوا هَؤُلَاءِ إِخْوَتُك. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ؛ الْعَرَبُ إِذا جَاءَتْ إِلى اسْمٍ مَكْنِيٍّ قَدْ وُصِفَ بِهَذَا وهذانِ وَهَؤُلَاءِ فَرَقُوا بَيْنَ هَا وَبَيْنَ ذَا وجعَلوا المَكْنِيَّ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ فِي جِهَةِ التَّقْرِيبِ لَا فِي غَيْرِهَا، وَيَقُولُونَ: أَين أَنت؟ فَيَقُولُ الْقَائِلُ: ها أَنا ذا، فَلَا يَكادُون يقُولون هَا أَنا، وَكَذَلِكَ التَّنْبِيهُ فِي الْجَمْعِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ، وَرُبَّمَا أَعادوها فَوَصَلُوهَا بِذَا وَهَذَا وَهَؤُلَاءِ فَيَقُولُونَ هَا أَنتَ ذَا قَائِمًا وَهَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

؛ قَالَ: فإِذا كَانَ الْكَلَامُ عَلَى غَيْرِ تَقْرِيبٍ أَو كَانَ مَعَ اسمٍ ظاهرٍ جَعَلُوهَا مَوْصُولَةً بِذَا فَيَقُولُونَ هَا هُوَ وَهَذَانِ هُمَا، إِذا كَانَ عَلَى خَبَرٍ يَكْتَفِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ بِلَا فِعْلٍ، وَالتَّقْرِيبُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ لِنُقْصَانِهِ، وأَحبوا أَن يَفرقوا بِذَلِكَ بَيْنَ التَّقْرِيبِ وَبَيْنَ مَعْنَى الِاسْمِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: بَنُو عُقَيْلٍ يَقُولُونَ هَؤُلَاءٍ، مَمْدُودٌ مُنَوَّنٌ مَهْمُوزٌ، قَوْمُكَ، وَذَهَبَ أَمسٌ بِمَا فِيهِ بِتَنْوِينٍ، وَتَمِيمٌ تَقُولُ: هَؤُلَا قَوْمُك، سَاكِنٌ، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ قومُك، مَهْمُوزٌ مَمْدُودٌ مَخْفُوضٌ، قَالَ: وَقَالُوا كِلْتا تَيْنِ وَهَاتَيْنِ بِمَعْنًى

<<  <  ج: ص:  >  >>