للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْنَى وَالَّذِي تَحْمِلِينَ طَلِيقٌ، فَيَكُونُ مَا رَفْعاً بِالِابْتِدَاءِ وَيَكُونُ ذَا خَبَرَهَا، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَا مَعَ ذَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ الْمَوْضِعُ نَصْبًا بينفقون، المعنى يسأَلونك أَيَّ شيء يُنْفِقُون، قَالَ: وَهَذَا إِجْمَاعُ النَّحْوِيِّينَ، وَكَذَلِكَ الأَوَّلُ إِجماعٌ أَيضاً؛ وَمِثْلُ قَوْلِهِمْ مَا وَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

دَعِي مَاذَا عَلِمْتُ سَأَتَّقِيهِ، ... ولكِنْ بالمُغَيَّبِ نَبِّئِيني

كأَنه بِمَعْنَى: دَعِي الَّذِي عَلِمت. أَبو زَيْدٍ: جَاءَ القومُ مِنْ ذِي أَنفسِهم وَمِنْ ذَاتِ أَنْفُسِهم، وجاءَت المرأَة مِنْ ذِي نفْسِها ومِن ذاتِ نفْسِها إِذا جاءَا طائِعَيْن، وَقَالَ غَيْرُهُ: جَاءَ فُلَانٌ مِنْ أَيَّةِ نفْسِه بِهَذَا الْمَعْنَى، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَاهَا اللهِ ذَا بِغَيْرِ أَلف فِي القَسَم، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: لَاهَا اللهِ إِذا، وإِنما الْمَعْنَى لَا واللهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ، فأَدخل اسْمَ اللَّهِ بَيْنَ هَا وَذَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وَضَعَتِ المرأَةُ ذاتَ بَطْنِها إِذا وَلَدَتْ، والذِّئبُ مَغْبُوطٌ «١» بِذِي بَطْنِه أَي بجَعْوِه، وأَلقى الرَّجُلُ ذَا بَطْنِه إِذا أَحْدَثَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمَّا خَلا سِنِّي ونَثَرْتُ لَهُ ذَا بَطْني

؛ أَرادت أَنها كَانَتْ شابَّة تَلِدُ الأَولاد عِنْدَهُ. وَيُقَالُ: أَتَينا ذَا يَمَن أَي أَتينا اليَمَن. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ كُنَّا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا مَعَ ذِي عَمْرو، وَكَانَ ذُو عَمْرو بالصَّمَّانِ، أَي كُنَّا مَعَ عَمْرٍو ومَعَنا عَمْرو، وَذُو كالصِّلة عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ ذَوِي، قَالَ: وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ قَيْسٍ وَمَنْ جاوَرَهم، والله أَعلم. ذَا: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ذَا يُوصَل بِهِ الْكَلَامُ؛ وَقَالَ:

تَمَنَّى شَبِيبٌ مِيتةً سَفَلَتْ بِهِ، ... وَذَا قَطَرِيٍّ لَفَّهْ مِنْهُ وائِلُ

يُرِيدُ قَطَرِيّاً وَذَا صِلةٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

إِليكُم، ذَوي آلِ النبيِّ، تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ مِنْ قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ

وَقَالَ آخَرُ:

إِذا مَا كُنْتُ مِثْلَ ذَوَي عُوَيْفٍ ... ودِينارٍ فقامَ عَلَيَّ ناعِي

وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا كلمتُ فُلَانًا ذاتَ شَفَةٍ وَلَا ذاتَ فَمٍ أَي لَمْ أُكَلِّمه كَلِمة. وَيُقَالُ: لَا ذَا جَرَمَ وَلَا عَنْ ذَا جَرَمَ أَي لَا أَعلم ذاكَ هَاهُنا كَقَوْلِهِمْ لَاهَا اللهِ ذَا أَي لَا أَفعل ذَلِكَ، وَتَقُولُ: لَا وَالَّذِي لَا إِله إِلا هُوَ فإِنها تملأُ الفَمَ وتَقْطَعُ الدَّمَ لأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ، وَتَقُولُ: لَا وَعَهْدِ اللَّهِ وعَقْدِه لا أَفعل ذلك.

تَفْسِيرُ إِذْ وإِذا وإِذَنْ مُنَوَّنةً

: قَالَ اللَّيْثُ: تَقُولُ الْعَرَبُ إِذْ لِمَا مضَى وإذا

إِذا لِمَا يُسْتَقْبَل الْوَقْتَيْنِ مِنَ الزمان، قال: وإذا

إِذا جَوَابُ تأْكيد لِلشَّرْطِ يُنوَّن فِي الِاتِّصَالِ وَيُسَكَّنُ فِي الْوَقْفِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَرَبُ تَضَعُ إِذ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَإِذَا

إِذا لِلْمَاضِي، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا

؛ مَعْنَاهُ وَلَوْ تَرى إِذْ يَفْزَعُونَ يومَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما جَازَ ذَلِكَ لأَنه كَالْوَاجِبِ إِذْ كَانَ لَا يُشَكُّ فِي مَجِيئِهِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ إِذا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ؛ ويأْتي إِذَا

إِذا بِمَعْنَى إِن الشَّرْط كقولك أُكْرِمُك إذا

إِذا أَكْرَمْتَني، مَعْنَاهُ إِن أَكرمتني، وأَما إِذ الموصُولةُ بالأَوقات فإِن الْعَرَبَ تَصِلُهَا فِي الْكِتَابَةِ بِهَا فِي أَوْقات مَعْدُودة فِي حِينَئذ ويَومَئِذ ولَيْلَتَئِذ وغَداتَئِذ وعَشِيَّتَئِذ وساعَتَئِذ وعامَئِذٍ، وَلَمْ يَقُولُوا الآنَئِذٍ لأَن الْآنَ أَقرب ما يكون في


(١). قوله [والذئب مغبوط] في شرح القاموس: مضبوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>