للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

:

لمَّا رأَيتُ مَحْمِلَيْها هَنَّا ... مُخَدَّرَيْنِ، كِدْتُ أَنْ أُجَنَّا

قوله هَنَّا أَي هَاهَنَّا، يُغَلِّطُ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَوْلُهُمْ فِي النِّدَاءِ: يَا هَنَّاه بزيادة هاء فِي آخِرِهِ، وتصِيرُ تَاءً فِي الْوَصْلِ، قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا مَا انْتَقَدَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ هُنَا فِي المُعْتَلّ. وهُنا: اللَّهْوُ واللَّعِبُ، وَهُوَ مَعْرِفةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لِامْرِئِ الْقَيْسِ:

وحَدِيثُ الرَّكْبِ يَوْمَ هُنا، ... وحَدِيثٌ مَّا عَلَى قِصَرِهْ

وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: هَنا وهَنْتَ بِمَعْنَى أَنا وأَنتَ، يَقْلِبون الْهَمْزَةَ هَاءً وَيُنْشِدُونَ بَيْتَ الأَعشى:

يَا ليتَ شِعْرِي هَلْ أَعُودنْ ناشِئاً ... مِثْلي، زُمَيْنَ هَنا بِبُرْقةِ أَنْقَدا؟

ابْنُ الأَعرابي: الهُنا الحَسَبُ الدَّقِيقُ الخَسِيسُ؛ وأَنشد:

حاشَى لفرْعَيْكَ مِن هُنا وهُنا، ... حاشَى لأَعْراقِكَ الَّتِي تَشبحُ

[هيا]

: هَيا: مِنْ حروفِ النَّداء، وأَصلها أَيا مِثْلُ هَراقَ وأَراقَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فأَصاخَ يَرْجُو أَن يَكُونَ حَيّاً، ... ويقولُ مِنْ طَرَبٍ: هَيا رَبَّا

[وا]

: الْوَاوُ: مِنْ حُرُوفِ المُعْجم، وَوَوٌ حرفُ هِجَاءٍ «١» واوٌ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهِيَ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ وَاوٍ وَيَاءٍ وواو، وهي حرف مهجور يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا وَزَائِدًا، فالأَصل نَحْوُ وَرَلٍ وسَوْطٍ ودَلْوٍ، وَتُبْدَلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحرف وَهِيَ الْهَمْزَةُ والأَلف وَالْيَاءُ، فأَما إِبْدَالُهَا مِنَ الْهَمْزَةِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضرب: أَحدها أَن تَكُونَ الْهَمْزَةُ أَصلًا، وَالْآخَرُ أَن تَكُونَ بَدَلًا، وَالْآخَرُ أَن تَكُونَ زَائِدًا، أَمَّا إِبْدَالُهَا مِنْهَا وَهِيَ أَصل فأَن تَكُونَ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةً وَقَبْلَهَا ضَمَّةٌ، فَمَتَى آثَرْتَ تَخْفِيفَ الْهَمْزَةِ قَلَبْتَهَا وَاوًا، وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِكِ فِي جُؤَنٍ جُوَن، وَفِي تَخْفِيفِ هُوَ يَضْرِبُ أَباكَ يَضْرِبُ وَباك، فَالْوَاوُ هُنَا مُخَلَّصةٌ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْهَمْزَةِ المُبْدَلةِ، فَقَوْلُهُمْ فِي يَمْلِكُ أَحَدَ عَشَرَ هُوَ يَمْلِكُ وَحَدَ عَشَرَ، وَفِي يَضْرِبُ أَباهُ يَضْرِبُ وَباه، وَذَلِكَ أَن الْهَمْزَةَ فِي أَحدَ وأَباهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، وَقَدْ أُبْدِلت الْوَاوُ مِنْ هَمْزَةِ التأْنيث المُبْدَلة مِنَ الأَلف فِي نَحْوِ حَمْراوانِ وَصَحْراواتٍ وصَفْراوِيٍّ، وأَما إبدالُها مِنَ الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ فَقَوْلُكُ فِي تَخْفِيفِ هَذَا غلامُ أَحْمَدَ: هَذَا غلامُ وَحْمَدَ، وَهُوَ مُكْرِمُ أَصْرَمَ: هُوَ مُكْرِمُ وَصْرَمَ، وأَما إِبْدَالُ الْوَاوِ مِنَ الأَلف أَصليةً فَقَوْلُكُ فِي تَثْنِيَةِ إِلَى وَلَدَى وَإِذَا أَسماء رِجَالٍ: إلَوانِ ولَدَوانِ وإذَوانِ؛ وَتَحْقِيرُهَا وُوَيَّةٌ. وَيُقَالُ: وَاوٌ مُوَأْوَأَةٌ، وَهَمَزُوهَا كراهَةَ اتِّصالِ الواواتِ والياءَات، وَقَدْ قَالُوا مُواواةٌ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ صَاحِبِ الْعَيْنِ، وَقَدْ خَرَجَتْ واوٌ بِدَلِيلِ التَّصْرِيفِ إِلَى أَنَّ في الكلام مثل وَعَوْتُ الَّذِي نَفَاهُ سِيبَوَيْهِ، لأَن أَلف وَاوٍ لَا تَكُونُ إِلَّا مُنْقَلِبَةً كَمَا أَنّ كُلَّ أَلف عَلَى هَذِهِ الصُّورة لَا تَكُونُ إِلَّا كذلك، وإذا كَانَتْ مُنْقَلِبة فَلَا تَخْلُو مِنْ أَن تَكُونَ عَنِ الْوَاوِ أَو عَنِ الْيَاءِ إِذْ لَوْلَا هَمْزُهَا فَلَا تَكُونُ «٢» عَنِ الْوَاوِ، لأَنه إِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَتْ حُرُوفُ الْكَلِمَةِ وَاحِدَةً وَلَا نعلم ذلك


(١). قوله [ووو حرف هجاء] ليست الواو للعطف كما زعم المجد بل لغة أَيضاً فيقال ووو ويقال واو، انظر شرح القاموس.
(٢). قوله [إِذْ لَوْلَا هَمْزُهَا فَلَا تكون إلخ] كذا بالأصل ورمز له في هامشه بعلامة وقفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>