للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَرْفَعُ دَرَجَاتهم فِي الْجَنَّة وَيُخَلِّصَهم مِنَ التَّأخُر عَلَى الصِّرَاط هِي تَقْوَى الله تَعَالَى وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَرَاحِلَ النَّاس عَلَى الصِّرَاط مِن سُرعَةٍ وَبُطأ قَالَ: «تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَاُلُهْم». وَقَالَ: «ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنهَا بَأعْمَالِهِم». فَهَذَا بِشَأن عُبُور الصِّرَاط وَأَنَّ وَسِيلَةَ الْعُبُور هِيَ الْعَمَل إِنْ كَانَ صَالِحا فَالعُبُور صَالِح، وَإِنْ كَانَ سِيِّئ فَالْعُبُورُ سَيِّئ وَأَمَّا فِي شَأن دَرَجَات الْجَنَّة فَهِي أَيْضاً تُنَال بِتَقْوى الله كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}.

? وَالتَّقْوَى: هِيَ أَنْ يَجْعَلَ بَينَهُ وَبَينَ عَذَابِ اللهِ وِقَايَة بِفِعل الأَوَامِر وَتَرك الْمَنَاهِي.

وَمَنْ أَعَانَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى عُبُور الصِّرَاط وَجَعَلَهُ كَالْبَرق وَرَفَعَ دَرَجَاتَهُ فَجَعَلَهُ فِي الْفِرَدوس فَهَلْ يَتَأَخَّر فِي الْمَوْقِف؟ فَحَرِيّا بِمَنْ كَانَت سُرْعَتَهُ كَالْبَرق عَلَى الصِّرَاط أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْمَوْقِف وَفِي الصُّعود فِي دَرَجَات الْجَنَّة.

أَسْبَاب طُولَ الْمَوقِف الْعَظِيم

١٦٧٧ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرا، فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي وَلْيَأتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ (١) وَلَا يَزَالُ قُوْمٌ يَتَأخَّرُونَ (٢) حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ». (٣) =صحيح


(١) فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم: أي: اقتدوا بأفعالي وليقتد بكم من بعدكم مستدلين بأفعالكم على أفعالي.
(٢) لا يزال قوم يتأخرون: أي: عن الصف الأول، حتى يؤخرهم الله عز وجل: أي: عن دخول الجنة فيكون الجزاء من جنس العمل، يتأخرون فيؤخرون، قال الله تعالى {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} وقال تعالى {اذكروني أذكركم} وقال تعالى {إن تنصروا الله ينصركم} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أحفظ الله يحفظك) وقال - صلى الله عليه وسلم - "إنما يرحم الله من عباده الرحماء" وأيضا "من يسر على معسر يسر الله عليه"، ومن ستر مسلما ستره الله"، وهذا كله تصديق لقول القائل الجزاء من جنس العمل، وأيضا إن حُمِلَ هذا الحديث على هذا المقياس يكون تقديره: إن تأخر يؤخر وإن تقدم يقدم، والله تعالى أعلم.
(٣) أبو داود (٨٦٠) باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول، تعليق الألباني "صحيح".

<<  <   >  >>