للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العالمية الثانية؛ إذ في أحلك الأيام من معركة القفقاز ترفض مدد الحلفاء يأتيها عن طريق إيران.

إن لكل ثورة منهجا يتضمن المبادئ التي تسير عليها، كما يتضمن فحوى القرارات التي ستمليها عليها ظروف الطريق.

فموقف أبي بكر بعد وفاة الرسول الكريم، عندما ارتدت بعض القبائل من العرب، وزعمت أنها لا تدفع الزكاة وتبقي على غير ذلك مما أتى به الإسلام، قد يبدو فيه لمعاصريه بعض التشدد والغلو، كما يكون موقف المرتدين غير بعيد عن الأمر المعقول، إذا قدرناه من الجانب المادي فحسب دون الرجوع إلى مبدأ يقره المنهج أي تقره فلسفة الثورة القائمة، وكاد عمر بن الخطاب يكون على هذا الرأي، لولا إصرار أبي بكر رضي الله عنهما وفصله الموقف بقوله ((والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)).

ولقد قاتل المرتدين فعلا، حتى نصره الله عليهم النصر المبين.

ولنا نحن، في موقف أبي بكر أسوة حسنة. والعبرة التي نأخذها منه هي:

أننا إذا لم نحفظ في عقولنا وقلوبنا مقدمات ومسلمات الثورة، فلن نفقد (عقالا) فقط بل نفقد الروح الثوري ذاته.

فالثورة قد تتغير إلى (لا ثورة) بل قد تصبح (ضد الثورة) بطريقة واضحة خفية. والأمر الذي لا يجوز أن يغيب عن أذهاننا في هذا الصدد هو أن مجتمعا ما بمقتضى طبيعته البشرية ينطوي على خمائر من روح (ما ضد الثورة) طبقا لمبدأ التناقض تناقضا مستمرا. حتى في فترة ثورية، نستطيع تتبع آثاره في تاريخ كل الثورات، تتبعا لا يغني معه أن ندفع عجلة الثورة في وطن ما، بل يجب أن نتتبع حركتها ورقابتها بعد ذلك.

<<  <   >  >>